الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
قال الطبراني في الكبير [ 6127 ]:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْعَلَّافُ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي
مَرْيَمَ، ثنا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ
اللهِ الْبَصْرِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ،
عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
الْبَرَكَةُ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي الْجَمَاعَةِ، وَالثَّرِيدِ، وَالسُّحُورِ
.
أقول : أبو عبد الله البصري مجهول
, وليس له إلا هذا الخبر
وقد قال أبو أحمد الحاكم الكبير: أبو عبد الله البصري : عن سليمان التيمي
روى عنه عبد الله بن وهب القرشي حديثه
ليس بالقائم
: أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الواسطي ، حَدَّثنا أحمد بن عبد
الرحمن ، حَدَّثنا عمي حدثنا أبو عبد الله البصري عن سليمان التيمي عن أبي عمر النهدي
عن سلمان عن النبي صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ قال البركة في ثلاثه في الجماعة والثريد
والسحور .اهـ
فهذا استنكار منه لهذا الخبر ووجه النكارة فيه إنفراده عن التيمي عن أبي
عثمان وهذه سلسلة معروفة
وقال الألباني في الصحيحة : وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة أشار
إليه الديلمي
وقد أخرجه الخطيب في [ الموضح 1 / 263] عن أسد بن عيسى: رفعين حدثنا
أرطاة بن المنذر عن داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا.
ورواه هو وعبد الغني المقدسي من هذا الوجه بلفظ:
إن الله جعل البركة في السحور والكيل .اهـ
أقول : وهذا الشاهد- إن صح –
ليس فيه ذكر الثريد والجماعة فلا شاهد له
والخبر لا يصح فهو خبر منكر
رفعين - أو رقعين - مجهول لا يحتمل تفرده عن أرطأة وهو صاحب حديث وله تلاميذ
منهم ابن المبارك وأبو اليمان الحكم بن نافع وغيرهم كثير
وقد ذكره ابن حبان في الثقات وقال : يغرب !
وهذا غريب جداً , إذ أني لم أقف له على غير هذا الخبر
واستغربه الدارقطني في أطراف الغرائب والأفراد [ 5150 ] :
حديث : البركة في ثلاث .
تفرد به أسد بن عيسى عن أرطأة بن المنذر عن داود،
وأسد يعرف برُقْعَين اهـ
فهذا الشاهد لو صح – ولا يصح كما ترى - فهو شاهد قاصر ليس فيه الجماعة
والثريد .
وذكروا له شاهداً آخر
وهو ما أخرجه ابن الأعرابي في معجمه [ 1446 ]:
نا الْجُرْجَانِيُّ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ
أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَرَكَةِ فِي الثَّرِيدِ، وَالسَّحُورِ .
أقول : وقبل البحث في صحة الخبر
من عدمها تنبه أن المتن مختلف فهنا النبي دعا بالبركة ولم يجزم أن البركة فيه ولم يذكر
الجماعة .
وشيخ ابن الأعرابي لم يوثقه أحد
وقد رواه الإمام أحمد في المسند وهو في مصنف عبد الرزاق عن معمر ولم يقل
الثوري
وأخشى أن يكون الجرجاني سمع من عبد الرزاق بآخره فقد عمي وصار يلقن
فيكون المحفوظ ما رواه في المصنف والله أعلم .
وابن الأعرابي نفسه وهمه تلميذه الدارقطني في عدد من الأخبار , والله أعلم
وابن أبي ليلى ضعيف وقد اضطرب في متنه
فقد رواه عبد الرزاق في المصنف فقال [ 7601 ] عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ
ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً .
رواه جمع عن ابن أبي ليلى بهذا اللفظ منهم الحفاظ : وكيع وأبو أسامة حماد
إضافة لسفيان وهو الثوري وغيرهم
ويبدو أن ابن الأعرابي أو شيخه دخل عليه خبر في خبر أو يكون هذا مما تلقنه
عبد الرزاق بآخره
وقال النسائي في الكبرى : رَفَعَهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى .اهـ
قلت : وقفه غيره لكن الدارقطني
في العلل رجح الوجه المرفوع .
وقال البزار في مسنده [ 9281]: وَحَدَّثَنا عمر بن الخطاب حَدَّثَنا مُحَمَّد
بن يوسف عن سفيان عن ابن أبي ليلى , عن عَطَاء , عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
تسحروا فإن في السحور بركة.
وهذا الحديثُ رواه ابن أبي ليلى , عن عَطَاء , عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ , ورواه ابن أبي ليلى أيضا عن عطية عن أبي سعيد
ورواه أيضا عن أخيه , عن أبيه عن أبي ليلى
والمشهور حديث عطاء , عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ .اهـ
أقول : وهذا إن صح إليه فهو إضطراب
شديد .
وقال أبو نعيم في الحليلة : غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
وَلَا أَعْلَمُ عَنْهُ رَاوِيًا غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي
لَيْلَى .اهـ
وقد رواه أبو الأزهر عن عبد الرزاق فزاد الثريد
ويبدو أنها غير محفوظة لأن الذي في المصنف وما رواه الإمام أحمد ليس فيه
الثريد .
فهذا الشواهد قاصرة فلا يحسن تقويتها ببعض والله أعلم .
وأما قوله [ تسحروا فإن في السحور بركة ] فهو ثابت في الصحيحين من حديث
أنس رضي الله عنه
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم