فائدة في معنى حديث [ إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ولكن بموت العلماء ]
قال الإمام الآجري في فرض
طلب العلم :
فإن قال قائل: فما
معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: [ إن
الله عز وجل لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن بقبض العلماء، حتى إذا
لم يترك عالما فاتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ] ؟
قيل له -والله أعلم-:
كلما فسد الزمان -وفساده فساد أهله- رغبوا أهله عن طلب العلم.
فقل العلم فيهم .
فيقبض
الله من كل زمان علماءه الذين قد حفظوا العلم، ورعوا حقه.
وقاموا لله عز وجل بشطر
كبير من العلم فنفعهم الله -عز وجل- بالعلم ونفع بهما خلقا كثيرا.
فلما قبض الله عز وجل من
هو [ كلمة غير واضحة ]
- كلمة غير واضحة لعلها : بقي - العلم في الكتب عند قوم لا يعملون به.
ولا يحفظونه ، ولا يعرفون
الأحكام .
إلا أنه يشار إليهم على
الظاهر أنهم من أهل العلم ، وهم إلى الجهل أقرب
فيسئل أحدهم عن الشيء
لا يعلمه فيكره أن يقول: لا أعلمه ؛ فتسقط رتبته عند الناس، فيفتي بغير علم .
فيحل ما حرم الله -عز
وجل-، ويحرم ما أحل الله فيضل عن طريق الحق، ويهلك من يتبعه على ذلك وهذا كثير في
زمن [ كلمة غير واضحة ]
لأنك تجد في الناس من قد قرأ القرآن وقد أيسر الله بحفظ القرآن،
وصار له به رتبة.
ولم يتعلم أحكامه، ولا سنة
الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أحوال الصحابة -رضوان الله عليهم-.
ولا يميز ما عليه مما له مما هو واجب عليه علمه والعمل به.
فإذا [ فراغ بالأصل ] فريضة أو [ فراغ بالأصل ]
إنه يشار إليه أنه من أهل
العلم .. .. ..
فيسأل عن الشيء في الخصومة
من جيرانه، فيستحي أن يقول لا أعلم، وامضوا فاسألوا غيري.
فإنه إن قال هذا ؛ نقصت
رتبته عند جيرانه ، فيتكلف لهم ما لا يحل له .
فيضل نفسه عن طريق الحق،
ويهلك غيره.
وربما فعل بعض من قد
علمه الله عز وجل طرفا من العلم أمرا من الأمور.
وذلك الفعل حق فلا يوافق
هذا الذي له رتبة فينكر الحق ويعيب على فاعل كل ذلك؛ لما قد استحكم فيه من حب
الرياسة، والإشارة إليه، وهذا كثير في الناس.
يعرفه من ميز بين العلم والجهل، وبين الحق والباطل.
والله المستعان ما أعظم زمانا نحن فيه.
فهذا معنى قبض العلم والله أعلم . انتهى
أقول : تأمله مراراً فإنه مهم جداً .