Pages

شيخ الإسلام النسائي ومكانته عند الحفاظ



شيخ الإسلام النسائي ومكانته عند الحفاظ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فقد قال الخطيب في الجامع [ 1483 ]:
 أخبرني أحمد بن محمد بن عبد الواحد المروروذي ، نا محمد بن عبد الله النيسابوري الحافظ ، قال : سمعت جعفر بن محمد بن الحارث ، يقول : سمعت مأمونا المصري الحافظ ، يقول :
 [ خرجنا مع أبي عبد الرحمن يعني أحمد بن شعيب النسوي إلى طرسوس سنة للفداء .
واجتمع جماعة من  مشايخ الإسلام .
واجتمع من الحفاظ عبد الله بن أحمد بن حنبل ومحمد بن إبراهيم مربع وأبو الآذان ومشيخة غيرهم فتشاوروا من ينتقي لهم على الشيوخ
فأجمعوا على أبي عبد الرحمن النسوي وكتبوا كلهم بانتخابه ] .انتهى
أقول :  إسناده صحيح كلهم حفاظ معروفون
وفيه فوائد :
1- جلالة أبي عبدالرحمن النسائي صاحب السنن وقدره بين المحدثين فانتخابه هو أن يختار لهم الأحاديث التي يكتبونها

2- تسمية شيخ الإسلام ومشايخ الإسلام كانت مشهورة آنذاك معروفة وقد قالها الإمام أحمد في أحمد بن عبد الله بن يونس وأبو الوليد الطيالسي وقالها عبد الله ابنه عن أبيه ولا زال الناس يستخدمونها وما أنكرها أحد أبداً

3- وفيه التواضع بين المحدثين والعلماء فهؤلاء سنهم قريب له وقد أدرك بعضهم بعض شيوخ النسائي وكبار الحفاظ , وكلهم سمع ورحل وطاف , ومع ذلك اجمعوا على أنه ينتخب لهم وهو أهل لذلك .

أقول : و قال السهمي في سؤالاته : سئل الدَّارَقُطْنِيّ إذا حدث أبو عبد الرحمن النسائي ، وابن خزيمة ، بحديث أيما تقدمه ؟
 فقال: أبو عبد الرحمن فإنه لم يكن مثله أقدم عليه أحدًا ، ولم يكن في الورع مثله ، لم يحدث بما حدث ابن لهيعة ، وكان عنده عاليًا ، عن قتيبة . انتهى
و قال السمعاني في [  الأمالي ] : هو أحد أئمة الدنيا في الحديث، والمرجوع إليه في علم الصحيح والسقيم، وله شرط في الصحيح رضيه الحفاظ، وأهل المعرفة.  [ نقله مغلطاي في إكماله ] .انتهى

قلت :  وكان الحافظ الدارقطني وغيره يسمون كتابه المجتبى [ صحيحاً ] وهو كما قالوا
فمن نظر في المجتبى وجد أن أغلبه صحيح وما له علة يبينها في الغالب .
والحديث الذي يحذفه من المجتبى وهو في الكبرى له علة في الغالب  :

 مر معنا من ذلك حديث [ لا أربح الله تجارتك ]  فقد روي مرسلا وهو الصواب .

وحديث [أنه كان يقول إذا أصبح :  اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور , وإذا أمسى قال : اللهم بك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور ] خرجه في الكبرى وحذفه من المجتبى لاضطراب في متنه والله أعلم

وحديث [ الرعد ملك ] خرجه في الكبرى وحذفه من المجتبى وقد روي موقوفاً وهو الأصح .

وحديث [ يقال لصاحب القرآن إقرأ وارقه ..الحديث ] خرجه في الكبرى من حديث عبد الله بن عمرو وحذفه من المجتبى وقد روي موقوفاً  .

وحديث [ إن من العباد عباداً يغبطهم  الأنبياء والشهداء قوم تحابوا بروح الله  على غير أموال ... وذكر الحديث ]  خرجه من حديث أبي زرعة عن أبي هريرة في الكبرى وحذفه من المجتبى لأن الصواب فيه :  أبي زرعة عن عمر موقوف وأبو زرعة لم يسمع عمر
وغيرها كثير  .
من تتبع ذلك رأى إمامة هذا الرجل بكل وضوح , وكذلك كلامه على علل الأخبار بشكل موسع في كثير من الأحيان في السنن الكبرى
وكذلك تبويباته الفقهية حتى قال الحاكم : ومن رأى تبويباته في الفقه تحير من حسن كلامه
وفي بعض المواطن تنبه لعلل لم بتنبه لها الإمام مسلم
فلهذا اختاره مشايخ الإسلام لينتخب لهم الأحاديث رحمهم الله جميعاً ...