Pages

مناقضة القبورية المشركين لهدي سيد المرسلين ( صلى الله عليه وسلم )



مناقضة القبورية المشركين لهدي سيد المرسلين
 صلى الله عليه وسلم

قال ابن القيم رحمه الله تعالى [ إغاثة اللهفان 1 / 359 ] :
ومن جمع بين سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في القبور ، وما أمر به ونهى عنه
وما كان عليه أصحابه ، وبين ما عليه أكثر الناس اليوم رأى أحدهما مضاداً للآخر، مناقضاً له
 بحيث لا يجتمعان أبداً.


فنهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عن الصلاة إلى القبور
 وهؤلاء يصلون عندها.
ونهى عن اتخاذها مساجد
 وهؤلاء يبنون عليها المساجد ، ويسمونها مشاهد , مضاهاة لبيوت الله تعالى.
ونهى عن إيقاد السرج عليها، وهؤلاء يوقفون الوقوف على إيقاد القناديل عليها.
ونهى أن تتخذ أعياداً
 وهؤلاء يتخذونها أعياداً ومناسك ، ويجتمعون لها كاجتماعهم للعيد أو أكثر.
وأمر بتسويتها، كما روى مسلم في صحيحه عن أبى الهياج الأسدي قال: قال على بن أبى طالب رضي الله عنه:  [ أَلا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِى عليهِ رَسُولُ صلّى اللهُ تَعالَى عَليْهِ وآله وَسلّم أَنْ لا تَدَعَ تِمْثَالاً إِلا طَمَسْتَهُ، وَلا قَبْرًا مُشْرِفاً إِلا سَوَّيْتَهُ ]
وفى صحيحه أيضاً عن ثمامة بن شُفَى قال: [ كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم برودس. فتوفى صاحب لنا، فأمر فضالة بقبره فسوى، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يأمر بتسويتها ] .
وهؤلاء  يبالغون في مخالفة هذين الحديثين. ويرفعونها عن الأرض كالبيت، ويعقدون عليها القباب .
ونهى عن تجصيص القبر والبناء عليه، كما روى مسلم في صحيحه عن جابر قال: [  نَهَى رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ تعالى عليهِ وآله وسلم عَنْ تَجْصِيصِ الْقَبْرِ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأنْ يُبْنَى عَلَيْهِ بِنَاءٌ ]
ونهى عن الكتابة عليها، كما روى أبو داود والترمذي في سننهما عن جابر رضي الله عنه : [  أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:  نَهَى أنْ تُجَصَّصَ الْقُبُورُ، وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهَا ]
قال الترمذى: حديث حسن صحيح
 وهؤلاء يتخذون عليها الألواح ، ويكتبون عليها القرآن وغيره.
ونهى أن يزاد عليها غير ترابها، كما روى أبو داود من حديث جابر أيضاً: [ أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم نهى أن يجصص القبر، أو يكتب عليه، أو يزاد عليه ]
 وهؤلاء يزيدون عليه سوى التراب الآجر والأحجار والجص !
ونهى عمر بن عبد العزيز [ أن يبنى القبر بأجر، وأوصى أن لا يفعل ذلك بقبره ] .
وأوصى الأسود بن يزيد: [  أن لا تجعلوا على قبري آجرا ] .
وقال إبراهيم النخعي:  [ كانوا يكرهون الأجر على قبورهم ] .
وأوصى أبو هريرة حين حضرته الوفاة: [ أن لا تضربوا على قبري فسطاطاً  ]
وكره الإمام أحمد [ أن يضرب على القبر فسطاطاً ].
والمقصود: أن هؤلاء المعظمين للقبور، المتخذينها أعياداً، الموقدين عليها السرج، الذين يبنون عليها المساجد والقباب.
مناقضون لما أمر به رسول الله صلى الله تعالى عليها وسلم، محادّون لما جاء به.
 وأعظم ذلك اتخاذها مساجد، وإيقاد السرج عليها. وهو من الكبائر. وقد صرح الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم بتحريمه.
قال أبو محمد المقدسي: ولو أبيح اتخاذ السرج عليها لم يلعن النبي صلى الله تعالى عليه من فعله.
ولأن فيه تضييعا للمال في غير فائدة، وإفراطاً في تعظيم القبور، أشبه تعظيم الأصنام .
 قال: "ولا يجوز اتخاذ المساجد على القبور لهذا الخبر. ولأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: [ لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر ما صنعوا ] متفق عليه.
وقالت عائشة: [ إنما لم يبرز قبر رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لئلا يتخذ مسجداً ]
لأن تخصيص القبور بالصلاة عندها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها والتقرب إليها.
وقد روينا أن ابتداء عبادة الأصنام تعظيم الأموات باتخاذ صورهم، والتمسح بها، والصلاة عندها.انتهى
وقد آل الأمر بهؤلاء الضلال المشركين إلى أن شرعوا للقبور حجاً !
 ووضعوا له مناسك ! حتى صنف بعض غلاتهم في ذلك كتاباً وسماه [ مناسك حج المشاهد] مضاهاة منه بالقبور للبيت الحرام.
 ولا يخفى أن هذا مفارقة لدين الإسلام، ودخول في دين عباد الأصنام.
فانظر إلى هذا التباين العظيم بين ما شرعه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقصده من النهى عما تقدم ذكره في القبور، وبين ما شرعه هؤلاء وقصدوه.
ولا ريب أن في ذلك من المفاسد ما يعجز العبد عن حصره.
فمنها: تعظيمها المواقع في الافتتان بها.
ومنها: اتخاذها عيدا. ومنها: السفر إليها.
ومنها: مشابهة عبادة الأصنام بما يفعل عندها: من العكوف عليها، والمجاورة عندها.
وتعليق الستور عليها وسدانتها، وعبادها يرجحون المجاورة عندها على المجاورة عند المسجد الحرام
 ويرون سدانتها أفضل من خدمة المساجد، والويل عندهم لقيّمها ليلة يطفئ القنديل المعلق عليها. ومنها: النذر لها ولسدنتها.
ومنها: اعتقاد المشركين بها أن بها يكشف البلاء، وينصر على الأعداء، ويستنزل غيث السماء، وتفرج الكروب، وتقضى الحوائج، وينصر المظلوم، ويجار الخائف، وإلى غير ذلك.
ومنها: الدخول في لعنة الله تعالى ورسوله باتخاذ المساجد عليها، وإيقاد السرج عليها
ومنها: الشرك الأكبر الذي يفعل عندها.
ومنها: إيذاء أصحابها بما يفعله المشركون بقبورهم، فإنهم يؤذيهم بما يفعل عند قبورهم. ويكرهونه غاية الكراهة.
كما أن المسيح يكره ما يفعله النصارى عند قبره. وكذلك غيره من الأنبياء والأولياء والمشايخ يؤذيهم ما يفعله أشباه النصارى عند قبورهم. ويوم القيامة يتبرءون منهم.
كما قال تعالى: { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتمْ عِبَادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كانَ يَنْبَغِي لَنَا أنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياَءَ وَلكِنْ مَتَّعْتهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذكْرَ وَكَانُوا قَوْماً بُورًا}  .
 قال الله للمشركين {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً} الآية.
 وقال تعالى {وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمي إِلهَينْ مِنْ دُونِ الله قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍ}  الآية.
 وقال تعالى {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءٍ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ، أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِم مُؤْمِنُونَ} .
ومنها: مشابهة اليهود والنصارى في اتخاذ المساجد والسرج عليها
 ومنها: محادة الله ورسوله ومناقضة ما شرعه فيها.
ومنها: التعب العظيم مع الوزر الكثير، والإثم العظيم.
ومنها: إماتة السنن وإحياء البدع.
ومنها: تفضيلها على خير البقاع وأحبها إلى الله.
 فإن عباد القبور يقصدونها مع التعظيم والاحترام والخشوع ورقة القلب والعكوف بالهمة على الموتى بما لا يفعلونه في المساجد. ولا يحصل لهم فيها نظيره ولا قريب منه.
ومنها: أن ذلك يتضمن عمارة المشاهد وخراب المساجد. ودين الله الذي بعث به رسوله بضد ذلك.
ولهذا لما كانت الرافضة من أبعد الناس عن العلم والدين، عمروا المشاهد، وأخربوا المساجد.
ومنها: أن الذي شرعه الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم عند زيارة القبور:
 إنما هو تذكر الآخرة، والإحسان إلى المزور بالدعاء له، والترحم عليه، والاستغفار له
 وسؤال العافية له ,  فيكون الزائر محسناً إلى نفسه وإلى الميت
 فقلب هؤلاء المشركون الأمر، وعكسوا الدين وجعلواً المقصود بالزيارة الشرك بالميت، ودعاءه والدعاء به، وسؤاله حوائجهم، واستنزال البركات منه، ونصره لهم على الأعداء ونحو ذلك. فصاورا مسيئين إلى نفوسهم وإلى الميت
ولو لم يكن إلا بحرمانه ( يعني الميت )  بركة ما شرعه الله تعالى من الدعاء له والترحم عليه والاستغفار له. ( يعني لكفى بذلك مفسدة )

ثم ذكر رحمة الله زيارة القبور المشروعة وما ورد في الأخبار والآثار في زيارتها وكيفية ذلك .

مصورا [ من هنا ]