Pages

بحث في حديث : [وَمَا مَرَرْتُ بِمَلَإٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي ، إِلاَّ قَالُوا : عَلَيْكَ بِالْحِجَامَةِ يَا مُحَمَّدُ ]


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

                   
قال الإمام أحمد [3316] :
حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
خَيْرُ يَوْمٍ تَحْتَجِمُونَ فِيهِ سَبْعَ عَشْرَةَ ، وَتِسْعَ عَشْرَةَ ، وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ ، وَقَالَ :
وَمَا مَرَرْتُ بِمَلَإٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي ، إِلاَّ قَالُوا : عَلَيْكَ بِالْحِجَامَةِ يَا مُحَمَّدُ.

أقول : عباد الأكثر على تضعيفه وحديثه هذا منكر دلسه عباد عن إبراهيم بن يحيى الكذاب المتروك , فلا يصلح في الشواهد والمتابعات.
قال العقيلي في الضعفاء [ 3828]: :

حَدثنا مُحمد بن مُوسَى، قال: حَدثنا مُحمد بن سُليمان، قال: سمعتُ أَحمد بن داوُد الحَداد يقول: سمعت عَلي بن المَديني يقول: سمعت يَحيَى بن سَعيد القَطان يقول: قُلت لَعَباد بن مَنصور الناجيُّ: سَمِعت ما مَرَرت بِمَلأ مِن المَلائِكَة، وأن النَّبي صَلى الله عَليه وسَلم كان يَكتَحِل ثَلاثًا؟
 فقال: حَدثني ابن أَبي يَحيَى، عن داوُد بن حُصَين، عن عِكرمة، عن ابن عَباس.

قال ابن أبي حاتم في العلل [2274] : :
وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ ؛ رَوَاهُ زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : مَا مَرَرْتُ بِمَلإٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي إِلاَّ كُلُّهُمْ يَقُولُ لِي : عَلَيْكَ بِالْحِجَامَةِ يَا مُحَمَّدُ.
قَالَ أَبِي : هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.
قَالَ أَبِي : يقال : إن عباد بْن مَنْصُور أخذ جزءًا من إِبْرَاهِيم بْن أَبِي يَحْيَى ، عَنْ دَاوُد بْن حصين ، عَنْ عِكْرِمَة ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فما كَانَ من المناكير فهو من ذاك. اهـ

وقال الترمذي في جامعه [ 2052 ] :
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بُدَيْلٍ الكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: حَدَّثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَمُرَّ عَلَى مَلَإٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ إِلاَّ أَمَرُوهُ أَنْ مُرْ أُمَّتَكَ بِالحِجَامَةِ.
أقول :
عبد الرحمن بن إسحاق هو ابن الحارث الكوفي متروك
قال الإمام أحمد : ليس بشيء منكر الحديث
وقال ابن معين : ضعيف ليس بشيء .
و قال محمد بن سعد ، و يعقوب بن سفيان ، و أبو داود ، و النسائي ، و ابن حبان : ضعيف .
زاد النسائي : ليس بذاك .
وقال في السنن : حديث رقم [ 3099 ] : ليس بثقة
و قال البخاري : فيه نظر .
و قال أبو زرعة : ليس بقوي .
و قال أبو حاتم : ضعيف الحديث ، منكر الحديث ، يكتب حديثه ، و لا يحتج به .
و قال ابن خزيمة : لا يحتج بحديثه .
فلا يصلح هذا في الشواهد والمتابعات .

وقال ابن ماجه [ 3479] : حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ : مَا مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِمَلَإٍ ، إِلاَّ قَالُوا : يَا مُحَمَّدُ ، مُرْ أُمَّتَكَ بِالْحِجَامَةِ.

أقول : جبارة متروك اتهمه ابن معين وغيره وتابعه كاتب الليث [ الطبراني الأوسط 3173 ] رواه عن بكر بن سهل الدمياطي وهو ضعيف عن أبي صالح كاتب الليت وأبي صالح كان يدخل عليه ما ليس من حديثه .
لكن كثير بن سليم متروك أيضاً واستنكر عليه ابن عدي هذا الحديث بعينه
وهذا لا يصلح في الشواهد أيضاً

وقال ابن سعد في الطبقات [ 1263] :
أَخبَرنا هاشِمُ بن القاسِمِ، أَخبَرنا سَلاَّمُ بن سَلم الطَّويلُ، عَن زَيدٍ العَمّيِّ، عَن يَزيدَ الرَّقاشيِّ، عَن أَنَس بن مالِكٍ قالَ: قالَ رَسولُ الله صَلى الله عَليه وسَلم:
 لَيلَةَ أُسريَ بي ما مَرَرتُ بِمَلإٍ مِنَ المَلاَئِكَة إِلاَّ قالوا: يا مُحَمد، مُر أُمَّتَكَ بِالحِجامَةِ.

أقول : سلام الطويل متروك ضعيف جداً ويزيد الرقاشي كذلك وزيد العمي ضعيف ورواه الطبري في تهذيب الآثار [ 2854 ] من طريق شيخه الحسن بن شبيب وهو ضعيف جداً عن محمد المدائني وهو ضعيف عن سلام به وخالف في إسناده ولا يهم إذ أنه في كلا الحالتين واه جداً
فلا يصلح هذا في الشواهد والمتابعات

وقال الطبراني في الأوسط [ 2081 ] :
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارُ قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلَابِيُّ قَالَ: نا هَمَّامٌ قَالَ: نا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَا مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى مَلَإٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا أَمَرُونِي بِالْحِجَامَةِ
لَمْ يَرْوِهِ عَنْ قَتَادَةَ إِلَّا هَمَّامٌ، وَلَا عَنْ هَمَّامٍ إِلَّا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَبْدُ الْقُدُّوسِ .
أقول : وهذا الحديث منكر , الحديث في الصحيحين وغيرهما من حديث مالك بن صعصعة ليس فيه هذه الزيادة
[ البخاري 3207 ] [ مسلم 264  (164) ]
والعطار والكلابي صدوقان لهما أخطاء .

وقال البزار في مسنده [5969 ] :
وحَدَّثناه عُمَر بن الخطاب ، حَدَّثنا عَبد الله بن صالح ، حَدَّثنا عطاف بن خالد ، عَن نافع ، عَن ابن عُمَر قال : قال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم : الحجامة على الريق أمثل وفيها شفاء وبركة وهي تزيد في العقل وتزيد الحافظ حفظا فمن كان محتجما هلى اسم الله فليحتجم يوم الخميس واجتنبوا الحجامة يوم الجمعة ويوم السبت ويوم الأحد والاثنين والثلاثاء يعني : احتجموا الحجامة يوم الأربعاء فإنه يوم ضرب فيه قوم ببلاء ، ولا جذام ، ولا برص إلاَّ في يوم الأربعاء وليلة الأربعاء ثم دعا عَبد الله بن عُمَر بولد له ابن ثلاث سنين فلثم فاه.

قال البزار عقبه : وهذا الحديث إنما رواه العطاف ، عَن نافع والعطاف إنما لان حديثه بهذا الحديث والعدال بن مُحَمد شيخ كوفي لم يتابع على هذا الحديث عَن ابن جحادة ، ولا روى ابن جحادة ، عَن نافع غير هذا الحديث.
ثم قال البزار عقبه :
حَدَّثنا عُمَر بن الخطاب : حَدَّثنا عَبد الله بن صالح ، حَدَّثنا العطاف ، عَن نافع ، عَن ابن عُمَر ، عَن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما مررت بسماء من السموات إلاَّ قالت الملائكة : يا محمد مر أمتك بالحجامة فإنه خير ما تداووا به الحجامة والكست والشونيز.
أقول : وهذا الزيادة منكرة روى الحديث جمع عن عبد الله بن صالح كاتب الليث فلم يذكروها
ومنهم :
1- الدارمي عند لحاكم [ 7481 ]
2-  علي بن داود في تاريخ بغداد [ 5113 ]
3-  محمد بن عوف الطائي عند ابن جرير في تهذيب الآثار  [ 2876 ] وبالمناسبة ضعفه ابن جرير هناك

وانفراد عطاف عن نافع منكر ونافع كثير الأصحاب منهم مالك وأيوب
وانظر لقول البزار : والعطاف إنما لان حديثه بهذا الحديث . اهـ
مما يدل على شدة نكارة حديثه
وقد تقدم أن الطبراني رواه عن كاتب الليث عن كثير فتنبه .

وقال الطبراني في الكبير [ 11367 ] :
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِنَّائِيُّ، ثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، ثنا نَافِعٌ أَبُو هُرْمُزٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مَا مَرَرْتُ عَلَى مَلَأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا أَمَرُونِي بِالْحِجَامَةِ.
أقول : نافع أبو هرمز متروك متهم اتهمه ابن عدي واستنكر خبره هذا بعينه الحافظ ابن حبان
فلا يصلح هذا شاهداً

وقال ابن حجر  في المطالب [ 2510 ] :
وَقَالَ الْحَارِثُ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي طُوَالَةَ ، عَنْ [عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ ] ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ الله عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السماء أمر بملاء مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا : عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ بِالْحِجَامَةِ .

أقول : محمد بن عمر الواقدي كذاب معروف .
 وابن أبي طوالة تصحيف وصوابه : عبد الرحمن بن أبى الموال فهو من تلاميذ عبد الله بن أبي بكر ومن شيوخ الواقدي , هذا الأقرب عندي وإلا فإني لم أجد من اسمه ( فلان بن أبي طواله )
فلا يصلح شاهداً أيضاً

وقال ابن سعد في الطبقات [1264] :
أَخبَرنا عَبدُ الوَهّاب بن عَطاءٍ، عَن الرَّبيع بن صُبَيحٍ، عَن عَمرِو بن سَعيد بن أَبي الحَسَنِ، رَفَعَ الحَديثَ إِلَى النَّبيّ صَلى الله عَلَيه وسَلم، قالَ: ما مَرَرتُ بِمَلَكٍ، أَو قالَ: بِالمَلإ الأَعلَى - شَكَّ الرَّبيعُ - إِلاَّ أَمَروني بِالحِجامَةِ.
عبد الوهاب والربيع فيهما ضعف , عمرو بن سعيد لم أتبينه والخبر مرسل , وأحسب أن في الخبر تصحيفاً فلا يعتمد عليه .

ورواه ابن عدي في الكامل في تراجم عدد من المتروكين وهم :
1- سعد بن طريف ورواه من حديث علي رضي الله عنه مرفوعا .
2-  عِيسَى بْنُ عَبد اللَّهِ بْنِ مُحَمد الهاشمي من ولد علي رواه عن علي مرفوعاً
3-  الفضل بن سلام , مجهول استنكروا عليه الحديث , رواه من حديث أنس مرفوعاً
4-  فرات بن السائب وهو متروك رواه من حديث ابن عباس مرفوعاً
وهذه الطرق لا تصلح لتتقوى مع بعضها البعض إذ مدارها على المتروكين والضعفاء .

وهنا أنبه أنه لا بصح حديث على تحديد وقت للحجامة
قال عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله تعالى : ( ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم [فيها] شيء إلا أنه أمر بها )
( الموضوعات 3/509 - ط السلف ، و المغني لابن بدر الموصلي ص : 517 مع جنة المرتاب ، و ما بين المعقوفتين من المغني )
و قال العقيلي رحمه الله تعالى : (وليس في هذا الباب في اختيار يوم للحجامة شيء يثبت ) ( الضعفاء 1/150)
و نقله ابن حجر بلفظ (وليس في الحجامة شيء يثبت لا في الاختيار ولا في الكراهة ) ( التهذيب 1/419) .
و في علل ابن الجوزي ( 2/877) بلفظ: ( و ليس يثبت في التوقيت في الحجامة شيءٌ في يوم بعينه ولا في الاختيار و الكراهية شيءٌ يثبت ) و كذلك هو في الموضوعات ( 3/509 -ط السلف ).
و على نحو آخر في المغني ص : 517 لابن بدر الموصلي .
و قال البرذعي : (شهدت أبا زرعة : لا يثبت في كراهة الحجامة في يوم بعينه ولا في استحبابه في يوم بعينه حديثا ، قلت له : حديث أبي بكرة ؟ قال: ليس بالقوي ثم قال أجود شيء فيه حديث أنس كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتجمون لسبع عشرة ولتسع عشرة وإحدى وعشرين فهذا يوافق الأيام كلها فقلت فحديث معقل بن يسار فحرك رأسه كالمتقي من ذكرى له كأن سلاما الطويل عندكم في موضع لا يذكر قلت فحديث سهيل فحرك رأسه وقال سعيد بن عبد الرحمن عن سهيل ) ( السؤالات 2 /757-759 ) .

[ هذا النقولات استفدتها من موضوع للأخ أبي حمزة مأمون وفقه الله  ]

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم