الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
قال الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في كتابه العظيم [
الجرح والتعديل 5 / 325 ] :
قرأت كتاب إسحاق بن راهوية – بخطه – إلى أبي زرعة – يعني الرازي - :
إني أزداد بك كل يوم سروراً , فالحمد لله الذي جعلك ممن يحفظ سنته , وهذا
من أعظم ما يحتاج إليه الطالب . اهـ
أقول وفي هذه الرسالة فوائد :
[ 1 ] : مراسلة طلبة العلم بعضهم بعض ومراسلة الشيخ لتلاميذه تشجيعاً لهم
.
[2 ] : إظهار الشيخ الفرح والسرور بنبوغ التلميذ ومداومته على الطلب .
[ 3 ] : التواضع لله وتذكير التلميذ أن حفظه وطلبه للعلم بفضل من الله
فقال له : الحمد لله الذي جعلك كذا وكذا .
[ 4 ] : أهمية حفظ السنة والعناية بها , وأنها نعمة عظيمة من الله
تعالى .
[ 5 ] : حفظ السنة وتعلمها ومعرفة صحيحها من ضعيفها من أعظم ما يحتاج إليه
الطالب .
[ 6 ] : جواز مدح الرجل بما فيه تشجيعاً له , وهذا فعله مع أبي زرعة الإمام
أحمد وغيره وفعله بعض الصحابة مع تلاميذهم
[7 ] : مدح الطالب وتزكيته بما فيه , وبما خصه الله به , فمدح الإمام إسحاق
أبا زرعة بما هو معروفه عنه من غير إفراط
ولا ظلم .
[ 8 ] : حرص السلف بعضهم على البعض والحث على العلم وطلبه .
هذا ما وفقني الله لاستخراجه من الفوائد من هذه الرسالة العظيمة
وهنا فائدة :
زاد في ترجمة أبي زرعة في التقدمة أن في الرسالة نفسها :
لا يهولنك الباطل فإن للباطل جولة ثم يتلاشى . اهـ
وهذه فيها فوائد أخرى :
منها : أن طالب العالم لا بد أن يواجهه أهل الباطل وتكون له عليه جوله
وعليه أن يصبر .
ومنها : أن الباطل لا يلبث ويتلاشى [ إن الباطل كان زهوقا ] .
ومنها : أن الباطل قد يتعاظم ويكبره الشيطان فيتهول منه صاحب الحق , وإلا
فهو حقير .
ومنها : حرص السلف على النصيحة والخير والتواصي بالحق والتواصي بالصبر
.
ومنها : عظيم فقه الإمام إسحاق بن إبراهيم الحنظلي – وهو ابن راهوية -
, وفراسته في أبي زرعة .
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم