الدفاع عن الصحابي الجليل المغيرة بن شعبة رضي الله عنه 1


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فقت وقفت على فتوى للشوكاني في الفتح الرباني , تتكلم عن توبة القاذف , فتكلم فيها عن قصة أبي بكرة والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهما , ثم استطرد استطراداً قبيحاً فذكر أن المغيرة كان مشهورا بهذا وكان يسمى [ الأعور الزناء ]

ولا يصح هذا عنه رضي الله عنه .

قال الشوكاني [  الفتح الرباني 3 / ص 1293 – فتوى بعنوان ( الإيضاح لمعنى التوبة والإصلاح ) ] :
( الوجه السادس ) أن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-، وهو في اشتراطه لهذا الشرط في توبة الشهود، مخالف لما كان يتكلم به عند أن يلقى المغيرة بن شعبة وينظر إليه، فإنه كان يقول في غير مرة: "ما ذكرت قصتك إلا خشيت أن ارجم بحجارة من السماء ".
فهذا منه دليل، وأصعب دليل على أنه لم يقطع بكذب أولئك الثلاثة الذين شهدوا عليه، بل كان الأمر في نفسه محتملا، إن لم يكن عنده احتمال صدقهم أولى، كما يفيده هذا، ولكنه- رضي الله عنه- رجع إلى ظاهر الشرع، وهو الواجب عليه، وعلى كل مسلم، وهو المتقرر، في هذه الشريعة الغراء.
وأما خشيته بأن يرجم بحجارة من السماء، فليس ذلك لكونه خطأ في الحكم الواقع منه بجلد الشهود الثلاثة، فإنه لم يخطئ بلا خلاف.
ولكنه كان يقول هذه المقالة إن صحت عنه تقريعا للمغيرة وتوبيخا.
 وربما كان سبب قوله لها: إن المغيرة كان مشهورا. بمقارفته هذه المعصية، ولهذا كان يقال له: الأعور الزناء. ومن كان هذه المنزلة من الشهرة. بمقارفته لهذه المعصية، فهو غير عفيف. ولا جلد على القاذف بغير العفيف في الظاهر. فكان عمر- رضي الله عنه - يذكر هذا تندما، وتأسفا، حيث لم يدرأ عن الشهود الذين شهدوا عليه حد القذف ثم هذه الشبهة، وفي الأمر سعة.
فيمكن [أن يقال] : إنه لم يبلغه ما يقال: من عدم عفة المغيرة إلا من بعد الجلد، ويمكن أنه لم يقطع بتلك الشهرة، ولا سيما والذين اشتهرت بينهم هذه المقالة هم أهل ولاية المغيرة، ومن كان كذلك فقد يفتري على أميره الكذب، ويقول الباطل. وعلى كل حال فالأمر في حين الاحتمال، فقد أصاب عمر .اهـ

أقول : جزمه أن المغيرة كان معروفاً بهذا زلل عظيم منه , فهذه الرواية لم يروها أحد من أهل الكتب المعتبرة عند أهل السنة إنما ذكرها أبو الفرج الأصفهاني في كتاب الأغاني وهو رافضي حاطب ليل يجمع الغث والسمين حتى اتهمه بعضهم بسبب كثرة المناكير والموضوعات التي يأتي بها .

وهذا إسناد الكلمة في كتاب الأغاني :
أخبرني علي بن سليمان الأخفش، قال: حدثني أبو سعيد السكري، قال: حدثنا محمد بن أبي السري- واسم أبي السري سهل بن سلام الأزدي- قال: حدثني هشام بن محمد قال: أخبرنا عوانة بن الحكم .فذكره في قصة طويلة .

أقول : هشام بن محمد هو الكلبي إخباري متروك معروف , قال الدارقطني متروك , وقال ابن عساكر : رافضي ليس بثقة
وقال الإمام أحمد لابنه :من يحدث عنه ؟ إنما كان صاحب سمر ونسب، ما ظننت أن أحدا يحدث عنه [ وانظر ترجمته في الميزان ]
وقال الذهبي في ترجمته في تاريخ الإسلام : ومع فرط ذكاء ابن الكلْبيّ لم يكن بثقة، وفيه رفض .اهـ
وفي اللسان : وذكره ابن أبي طي في الإمامية وقص له قصة مع جعفر الصادق، وَلا أظن صحتها ونقل عن ابن مَعِين أنه وثقه وليس كما قال.
فقد قال ابن مَعِين: غير ثقة وليس عن مثله يروى الحديث .
وقال أيضاً في اللسان : واتهمه الأصمعي
ثم نقل ابن حجر نقلاً مهما قال : ونقل أبو الفرج الأصبهاني، عَن أبي يعقوب الخريمي قال: كان هشام ابن الكلبي علامة نسابة وراوية للمثالب عيابة فإذا رأى الهيثم بن عَدِي ذاب كما يذوب الرصاص.
وذكر في ترجمة دريد بن الصمة عدة أخبار ثم ختمها بأن قال: وهذه الأخبار التي ذكرتها عن ابن الكلبي موضوعة كلها والتوليد في أشعارها ظاهر إلى أن قال: ولعل هذا من أكاذيب ابن الكلبي .
وقال ابن حجر : وذكره العقيلي، وَابن الجارود، وَابن السكن، وَغيرهم في الضعفاء .اهـ المراد منه .

قلت : فمثله لا يعتمد عليه ولا يصلح للاستشاهد فضلاً عن الإحتجاج
والجزم بصحة القصة زلة عظيمة وخطر جسيم

فإن قلت : لم لا نسكت عن زلات هؤلاء ؟

قلت لك : السكوت عنهم لا يجوز وتبيين الحق هاهنا واجب , لأن كتبهم منتشرة بين الناس وفي الشبكات بل حتى في أجهزة الهواتف , والكثير من الناس يثق بهذه النقولات ثقة عمياء , وهذا جناب الصحابة وهو عندنا عظيم أعظم من جناب من جاء بعدهم إلى قيام الساعة بلغوا ما بلغوا , فالدفاع عنهم وتبين خطأ من أخطأ عليهم واجب شرعي لا يتخلف .

وليس هذا تتبع للزلات كما ظنه بعض من لا فقه له بل نحن نحميهم لكي لا يتبعهم الناس فيما وقعوا فيه , فإذا وقع الناس في أصحاب رسول الله بسبب هذه الزلة كان خطرها على قائلها عظيم .
فإذا تنبه الناس قالوا على الأقل  : هذه زلة , فسلموا , وحفظ جناب الصحابة من الطعن والتشويه .
فتأمل هذا جيداً .

وأما قوله   ( ما ذكرت قصتك إلا خشيت أن ارجم بحجارة من السماء )
فهو من أقبح القول وأشنعه , فهذا لا يصح عن عمر البتة , فقد ذكرها ابن خلكان في وفيات الأعيان بلا إسناد , ووجدتها في بعض كتب الرافضة ولا يعول عليها وكذلك هي في كتاب الأغاني بلا إسناد !!
والعجيب منه كيف يبني على هذه الكلمة ويحاول توجيهها أيضاً !

وقال الإمام البخاري [ 58 ] :
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ قَالَ سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ يَوْمَ مَاتَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ عَلَيْكُمْ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَالْوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ حَتَّى يَأْتِيَكُمْ أَمِيرٌ فَإِنَّمَا يَأْتِيكُمْ الْآنَ ثُمَّ قَالَ اسْتَعْفُوا لِأَمِيرِكُمْ فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الْعَفْوَ
هذا وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم



جميع الحقوق محفوظة لمدونة عبد الله بن سليمان التميمي ©2013-2014 | |