[ بحث في حديث ] : ( ما من أحد من ولد آدم إلا قد أخطأ ، أو هم بخطيئة ، ليس يحيى بن زكريا )


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


قال ابن أبي شيبة في المصنف [32572]:
حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
مَا مِنْ أَحَدٍ إلاَّ وَقَدْ أَخْطَأَ ، أَوْ هَمَّ بِخَطِيئَةٍ إلاَّ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا.

علي هو ابن زيد بن جدعان ضعيف معروف .
وقد اختلف على حماد فيه
قال البيهقي في الكبرى [20749 ]:

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ , ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ , أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ , ثنا عَفَّانُ , وَأَبُو سَلَمَةَ قَالَا: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ , وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ , وَحُمَيْدٍ , عَنِ الْحَسَنِ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
مَا مِنْ آدَمِيٍّ ..... , فَذَكَرَ مَعْنَاهُ.
وتابع سليمان بن حرب هدبة بن خالد عند الطبراني في الكبير [ 12933 ]
ورواه إبراهيم الحربي عن موسى أبو سلمة التبوذكي كرواية سليمان وهدبة

ويبدوا أن الاضطراب من حماد نفسه والله أعلم .

والحسن مراسيلة ضعيفة جداً على الصواب وقد روي عنه أنه يأخذ بعض المراسيل عن ابن جدعان نفسه

في التمهيد لابن عبد البر:
روى حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان قال ربما حدثنا الحسن بالحديث ثم اسمعه بعد يحدث به فأقول من حدثك يا أبا سعيد فيقول ما أدري غير أني سمعته من ثقة فأقول أنا حدثتك به.
وقال ابن عون قال بكر المزني للحسن وإنا عنده عمن هذه الأحاديث التي تقول فيها قال رسول الله صلى الله عليه و سلم قال عنك وعن ذا. انتهى

واخرج ابن عساكر في تاريخه من طريق موسى بن إبراهيم بن جعفر السباك عن أبيه – وهما مجهولان – عن سليمان بن حرب نا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ما من نبي إلاأخطأ أو هم بخطيئة غير يحيى بن زكريا فإنه لم يخطئ ولم يهم بخطيئة .

أقول : أولاً هذه سلسلة معروفة لا يحتمل تفرد مجهول عنها بخبر مرفوع وذكره ابن عدي في كامله مستنكراً له
قال ابن عدي في الكامل :
وَهَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا الإِسْنَادِ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَة وَغَيْرِهِ لا يَرْوِيهِ إلاَّ إِبْرَاهِيمُ السَّبَاكُ هَذَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ شُعْبَة وَكَتَبَهُ عَنِّي عُمَر بْنُ سَهْلٍ الدِّينَوَرِيُّ، وَابْنُ عُقْدَةَ. انتهى

فهذا الطريق منكر لا يصلح شاهداً وفيه اختلاف في لفظه فإنه قال هنا [ ما من نبي ] وفيما سبق [ ما من أحد , ما من آدمي ]
والفرق واضح .

وقال ابن أبي شيبة في المصنف [32570]:
حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ :
مَا مِنْ أَحَدٍ إلاَّ وَقَدْ أَخْطَأَ ، أَوْ هَمَّ بِخَطِيئَةٍ ، لَيْسَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا ، ثُمَّ قَرَأَ : {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} ، ثُمَّ رَفَعَ مِنَ الأَرْضِ شَيْئًا ، ثُمَّ قَالَ : مَا كَانَ مَعَهُ إلاَّ مِثْلُ هَذَا.
وهذا الخبر صحيح وقد روي مرفوعاً ولا يصح الصواب وقفه .
 وروي عن سعيد مرسلاً رواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن سعيد في المصنف

والراوية التي فيها ذكر عبد الله بن عمرو أرجح
لأن يحيى القطان رواها كذلك
قال الإمام أحمد في الزهد [ 463 ] : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , يَعْنِي الأَنْصَارِيَّ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ الْعَاصِ يَقُولُ :
 مَا أَحَدٌ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ بِذَنْبٍ ، إِلاَّ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا ، ثُمَّ قَرَأَ سَعِيدٌ {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} فَرَفَعَ مِنَ الأَرْضِ شَيْئًا  فَقَالَ : الْحَصُورُ ذَكَرُهُ مِثْلُ هَذَا وَأَشَارَ يَحْيَى بِطَرْفِ إِصْبَعِهِ.
ورواه شعبة على الشك عبد الله بن عمرو أو أبيه عمرو ولا تضر فكلاهما صحابي وسعيد أدركهما جميعاً
والله أعلم .

وقال ابن أبي حاتم في التفسير [3470 ] :

حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ زُغْبَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، قَالَا: ثنا حَجَّاجُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْقَمَرِيِّ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
كُلُّ ابْنُ آدَمَ يَلْقَى اللَّهَ بِذَنْبٍ قَدْ أَذْنَبَهُ، يُعَذِّبُهُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ أَوْ يَرْحَمَهُ إِلَّا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا فَإِنَّهُ كَانَ سَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ.
ثُمَّ أَهْوَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَذَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَأَخَذَهَا وَقَالَ: كَانَ ذَكَرُهُ مِثْلَ هَذِهِ الْقَذَاةِ.
 قَالَ أَبِي: لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ أَحَدٍ غَيْرَ الْحَجَّاجِ وَلَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّيْثِ، وَحَجَّاجٍ شَيْخٌ مَعْرُوفٌ.انتهى
وذكر هذا الخبر مع كلام أبيه بنصه في كتاب العلل له

وقال ابن عدي في ترجمة حجاج وهو بن سليمان :
يكنى أبا الأزهر يحدث عَن الليث، وابن لَهِيعَة أحاديث منكرة .انتهى
ثم ذكر هذا الخبر مباشرة في مناكيره
وقال ابن يونس : وفي حديثه خطأ ومناكير .انتهى
وقلت ولا يحتمل منه هذا الخبر عن الليث مع استنكار الأئمة له فلا يصلح شاهداً هنا .

وقال عبد الرزاق [ 20279 ] أخبرنا معمر عمن سمع الحسن يقول:
 ليس من أحد يلقى الله إلا أذنب إلا يحيى بن زكريا عليهما السلام فإنه لم يذنب ولم يهم بامرأة.
وهذا مرسل وفيه مبهم أيضاً
فلا يصح الخبر مرفوعاً 
والصحيح منه : الموقوف على عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه وعن بعض السلف وهو الحجة في هذا الباب

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم


جميع الحقوق محفوظة لمدونة عبد الله بن سليمان التميمي ©2013-2014 | |