الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فهذا بحث في حديث : [ إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ ، مَغَالِيقَ
لِلشَّرِّ ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ , مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ ،
فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ ، وَوَيْلٌ لِمَنْ
جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ ]
رواه ابن ماجه في سننه فقال [ 237] : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ
الْمَرْوَزِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ : فذكره
.
محمد بن أبي حميد متروك له ترجمة في تهذيب الكمال :
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه : أحاديثه مناكير . [ وفي العلل
لابنه قال : ليس بقوي في الحديث ]
و قال عباس الدوري ، عن يحيى بن معين : ضعيف ليس حديثه بشيء . [ وكذلك
قال في تاريخ ابن أبي خيثمة : ليس حديثه بشيء ] [ وفي الكامل لابن عدي أسند عنه أنه
قال : ليس يُنسى , لا يكتب حديثه ]
و قال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني : واهي الحديث ، ضعيف .
و قال البخاري : منكر الحديث . [ وقال في علل الترمذي : ضعيف ذاهب الحديث
لا أروي عنه شيئاً ]
و قال النسائي : ليس بثقة .
و قال أبو زرعة : ضعيف الحديث .
و قال أبو حاتم : كان رجلا ضرير البصر ، و هو منكر الحديث ، ضعيف الحديث
مثل ابن أبى سبرة ، و يزيد بن عياض ، يروى عن الثقات المناكير .
و قال أبو عبيد الآجري ، عن أبى داود : حماد بن أبى حميد هو محمد بن أبى
حميد ، يقال هذا ، و يقال هذا .
و قال أبو أحمد بن عدى : ضعفه بين على ما يرويه ، و حديثه متقارب ، و هو
مع ضعفه يكتب حديثه [ وجعل له ترجمتين وقوله
حديثه متقارب ... الخ في ترجمة وقوله الأول في ترجمة أخرى ]
و قال ابن أبى مريم ، عن ابن معين : منكر الحديث , و كذا قال الساجي ,
و قال أبو داود :ضعيف , و قال ابن حبان : لا يحتج به . و ذكره يعقوب بن سفيان في باب
من يرغب عن الراوية عنهم .
و ذكره ابن البرقي فيمن كان الغالب على روايته الضعف .اهـ [ ما بين قوسين
من بحثي خارج التهذيب ]
وقال في التقريب : ضعيف , وقال في التلخيص الحبير [ 4/366 ] : مُحَمَّدَ
بْنَ أَبِي حُمَيْدٍ مَتْرُوكٌ .اهـ
وهذا الحديث مما استنكره عليه ابن عدي في الكامل .
وبهذه الترجمة حديث هذا الرجل منكر لا يصلح بالشواهد والمتابعات .
وقال ابن أبي عاصم في السنة [ 297 ] :
ثنا الْحَوْطِيُّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
أَبِي حُمَيْدٍ الْمَدِينِيِّ، عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عُبَيْدِ
اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِنَّ مِنَ النَّاسِ نَاسًا مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ،
وَمِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ. فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ
اللَّهُ مِفْتَاحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ مِفْتَاحَ الشَّرِّ
عَلَى يَدَيْهِ .اهـ
فزاد في الإسناد موسى بن وردان .
وهو إن كان لا يغير شيئاً إذ أن مدار الإسناد على محمد بن أبي حميد إلأ
أن أبو داود الطيالسي رواه في مسنده [ 2159 ] عن ابن أبي حميد مباشرة به
ورواه المروزي في زوائد الزهد [ 968 ] من طريق محمد بن أبي عدي عن ابن
أبي حميد به
وابن الشجري في أماليه من طريق حماد بن خالد الخياط الحافظ عن ابن أبي
حميد به
كلهم لم يذكروا موسى بن وردان فيبدو أنه مقحم في الإسناد .
وإسماعيل بن عياش روايته عن غير الشاميين ضعيفة .
وذكروا له شواهد منها :
ما أخرجه ابن أبي عاصم في السنة قال [ 296] :
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَيْمُونٍ الْعَكِّيُّ ، حَدَّثَنَا
مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ
عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَزَائِنَ لِلْخَيْرِ وَالشَّرِّ
مَفَاتِيحُهَا الرِّجَالُ فَطُوبَى لِمَنْ كَانَ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ مِغْلاقًا لِلشَّرِّ
وَوَيْلا لِمَنْ جَعَلَهُ مِغْلاقًا لِلْخَيْرِ مِفْتَاحًا لِلشَّرِّ .
وعقبة هذا قال عنه ابن حبان في المجروحين [ 972 ] :
مُحَمَّد بن عقبَة شيخ يروي عَن أبي حَازِم روى عَنهُ الْمُعْتَمِر بن
سُلَيْمَان وَقد قيل عقبَة بن مُحَمَّد مُنكر الحَدِيث ينْفَرد عَن أبي حَازِم بِمَا
لَا يشبه حَدِيثه لَا يحْتَج بِهِ إِذَا وَافق الثِّقَات فَكيف إِذَا انْفَرد بأوابد
. اهـ
قلت : وليس هو أخو أسباط الكوفي والله أعلم وهو ضعيف جداً على كلام الحافظ
ابن حبان .
والحديث رواه ابن عدي في الكامل من طريق معتمر عن عقبة هذا عن عبد الرحمن
بن زيد بن أسلم عن أبيه به فعاد الإسناد إلى عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو متروك كما
نبه عليه الألباني في بحثه في الصحيحة .
قال ابن عدي : حَدَّثَنَا عبدان، حَدَّثَنا إسماعيل بن زكريا، حَدَّثَنا
عَبد الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَن أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ
سَعْدٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه
وسَلَّم قَال: إِنَّ لِلْخَيْرِ خَزَائِنَ مَفَاتِيحُهَا الرِّجَالُ فَطُوبَى لِرَجُلٍ
جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ مِغْلاقًا لِلشَّرِّ وَوَيْلٌ لِرَجُلٍ جَعَلَهُ
اللَّهُ مِفْتَاحًا لِلشَّرِّ مِغْلاقًا لِلْخَيْرِ.
قال الشيخ : وهذا رواه معتمر عن عقبة بن مُحَمد المديني عن عَبد الرحمن
بن زيد بن أسلم .
حَدَّثَنَاهُ الحسن بن عَبد المجيب، حَدَّثَنا عَبد الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ،
حَدَّثَنا معتمر بذلك . اهـ
ورواه أبو يعلى في مسنده عن عبد الأعلى بن حماد مباشرة كما رواه ابن عدي
وكذلك رواه ابن أبي الدنيا في المداراة [ 136 ]
ورواه الروياني في مسند من طريق العباس [ وأحسب أنه الدوري ] أخبرنا أبو
إسحاق الطالقاني عن معتمر عن عقبة عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه .
ورواه الطبراني في الكبير [ 5956 ] وشيخه فيه موسى بن حازم الأصبهاني لم
أجد من وثقه , وقال عقبة عن زيد بن أسلم .
والأشبه عندي ذكر عبد الرحمن في السند وعليه فهذا الشاهد منكرٌ جداً عبد
الرحمن بن زيد بن أسلم منكر الحديث ضعيف جداً
وقال أبو نعيم في الحلية :
إبراهيم بن عبد الله، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا
الليث بن سعد، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن اسلم، قال: يقال: إن لله عباداً مفاتيح
للخير مغاليق للشر، ولله تعالى عباد مغاليق للخير مفاتيح للشر.
أقول : وهذا مرسل ضعيف وهشام بن سعد فيه كلام كثير وهو إلى الضعف أقرب
وقد قال أبو داود في سؤالات الآجري لأبي داود [ وفيها بحث عندي لجهالة الآجري هذا
ويسر الله تعالى أن أفرد فيها جزءاً مما يستنكر فيها ] أنه قال أثبت الناس فيه , ولو صح ذلك يبقى مرسلاً
وهو أشبه وهو أصح ما في الباب.
ثم وجدت له طريقاً آخر : قال البيهقي في الشعب [ 686 ] :
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ الْحَسَنِ الْمُحَمَّدَ آبَادِيُّ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ،
حدثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حدثنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، حدثنا حُمَيْدٌ الْمُزَنِيُّ،
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِنَّ مِنَ الرِّجَالِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ، مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ
مِنَ النَّاسِ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ . اهـ
أقول : حميد المزني مجهول ويروي عن أنس بن مالك وهو صحابي مكثر وله أصحاب
وحديثه يجمع ويتتبع فأين حفاظ الأمة عن هذا المتن من حديث أنس .
وسعيد بن سليمان لم أعرفه واحسب أنه سعيد بن سلام العطار المتروك فهو من
شيوخ السلمي , وهذا أشبه والله أعلم وقرينة ذلك إعراض الأئمة عن تخريج هذا المتن في
عامة المصادر التي وقفت عليها والنضر وسعيد بن سلام العطار بصريان , ويبعد عندي أن
يكون سعيد بن سليمان الثبت شيخ الإمام البخاري فهو واسطي وهو إن كان يروي عن بعض أهل
البصرة فليس له رواية عن النضر .والله اعلم
مشاركة من أبي جعفر عبد الله الخليفي :
وقال الحكيم الترمذي في نوادر الأصول 546 - حدثنا عمر بن أبي عمر، حدثنا
إسحاق بن محمدٍ الفروي، قال: حدثنا أبو يعلى سلمة بن وردان المديني، عن أنس بن مالكٍ
رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من الناس ناسٌ مفاتيح للخير
مغاليق للشر، ومن الناس ناسٌ مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل مفتاح الخير
على يديه، وويلٌ لمن جعل مفتاح الشر على يديه)).
وهذا السند ضعيف جداً من أجل سلمة بن وردان
قال المزي تهذيب الكمال :" و قال أبو طالب : سئل أحمد بن حنبل عن
سلمة بن وردان ، فقال : كان سلمة بن نبيط
ثقة . و أمسك عن سلمة بن وردان كأنه لم يعجبه .
و قال عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه : منكر الحديث ، ضعيف الحديث
.
و قال عباس الدورى ، عن يحيى بن معين : ليس بشىء .
و قال عبد الرحمن بن أبى حاتم : سمعت أبى ـ و سئل عن سلمة بن وردان ـ فقال
:
ليس بقوى ، تدبرت حديثه فوجدت عامتها منكرة لا يوافق حديثه عن أنس حديث
الثقات
إلا فى حديث واحد ، يكتب حديثه ."
أقول : فهو ضعيف جداً ، قوول أبي حاتم ( يكتب حديثه ) لا يعني أن صالح
للاعتبار على الجادة فإنه قال أيضاً (، تدبرت حديثه فوجدت عامتها منكرة ) وهذا جرح
مفسر شديد وهو يلتقي تماماً مع كلمة أحمد وابن معين فيه
وأيضاً قال النسائي :" ليس بثقة " وهذا جرح شديد أيضاً.انتهى
فالخبر لا يثبت بهذا الطرق الواهية
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم