رسالة إمام أهل الشام الأوزاعي لمن احتج بأحاديث العزلة في ترك الجمعة والجماعة ...



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فهذه رسالة أرسلها الأوزاعي إمام أهل الشام إلى ابن صديق له ترك الجمعة والجماعة والجهاد محتجاً بأحاديث لزوم البيوت وما كان مثلها رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ [ 2 / 391 ] بسند صحيح   

قال يعقوب بن سفيان  : حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ:
أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ  :  [ ​​​
أَمَّا بَعْدُ : فَقَدْ كُنْتُ بِحَالِ أَبِيكَ لِي وَخَاصَّةِ سَرِيرَتِهِ ، فَرَأَيْتُ أَنَّ صلتي إياه تعاهدي إِيَّاكَ بِالنَّصِيحَةِ فِي أَوَّلِ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ من تخلفك عن الجمعة والصلوات فجددت وَلَجَجْتَ.
ثُمَّ بَرَرْتُكَ فَوَعَظْتُكَ وَأَجَبْتَنِي بِمَا لَيْسَ لك فيه حجة ولا عذر.
 وقد أحببت أَنْ أَقْرِنَ بِنَصِيحَتِي إِيَّاكَ عَهْدًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يُحْدِثَ خَيْرًا.

 وَقَدْ بَلَغَنَا  [ أَنَّ خَمْسًا كَانَ عَلَيْهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ: اتِّبَاعُ السُّنَّةِ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ وَعِمَارَةُ الْمَسَاجِدِ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ] .

وَحَدَّثَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ كَانَ يَقُولُ: [  مَنْ أَحَبَّ أن يعلم أصابته الفتنة أولا فَلْيَنْظُرْ، فَإِنْ رَأَى حَلَالًا كَانَ يَرَاهُ حَرَامًا، أَوْ يَرَى حَرَامًا كَانَ يَرَاهُ حَلَالًا، فَلْيَعْلَمْ أَنْ قَدْ أَصَابَتْهُ ] . 

وَقَدْ كُنْتَ قَبْلَ وَفَاةِ أَبِيكَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَرَى تَرْكَ الْجُمُعَةِ وَالصَّلَوَاتِ في الجماعة حراما فأصبحت نراه حَلَالًا.

 وَكُنْتَ تَرَى عِمَارَةَ الْمَسَاجِدِ مِنْ شَرَفِ الْأَعْمَالِ فَأَصْبَحْتَ لَهَا هَاجِرًا.

 وَكُنْتَ تَرَى أَنَّ تَرْكَ عِصَابَتِكَ مِنَ الْحَرَسِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حرجا فأصبحت تراه جميلا.

وَحَدَّثَنِي سُفْيَانُ مُنْقَطِعًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: [ مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ أَرْبَعًا مُتَوَالِيَاتٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ نَبَذَ الْإِسْلَامَ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ ] .

وَحَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: [ أَنَّهُ مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ طُبِعَ عَلَى قَلْبِهِ ] .

وَقَدْ خَاطَرْتَ بِنَفْسِكَ مِنْ هذين الحديثين عظيما فإتهم رأيك فإنه شر مَا أَخَذْتَ بِهِ وَارْضَ بِأَسْلَافِكَ .

 وَقَدْ كُنْتَ فِي ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ مَرَرْنَ- وَالْمَسَاجِدُ وَالدِّيَارُ تُحَرَّقُ وَالدِّمَاءُ تُسْفَكُ وَالْأَمْوَالُ تُنْتَهَبُ- مَعَ أَبِيكَ لَا تُخَالِفُهُ فِي تَرْكِ جُمُعَةٍ وَلَا حُضُورِ صَلَاةِ مَسْجِدٍ، وَلَا تَرْغَبُ عَنْهُ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ.

 وَأَنْتَ تَرَى أَنَّكَ بِوَجْهِ هَذَا الْحَدِيثِ : [ كُنْ جَلِيسَ بَيْتِكَ ]  وَمِثْلِهِ مِنَ الْأَحَادِيثَ أَعْلَمُ بِهَا مِنْ أَبِيكَ وَمِمَّنْ أَدْرَكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.

 فَأُعِيذُكَ باللَّه وَأُنْشِدُكَ بِهِ أَنْ تَعْتَصِمَ بِرَأْيِكَ شَاذًّا بِهِ دُونَ أَبِيكَ وَأَهْلِ الْعِلْمِ قَبْلَهُ.

 وَأَنْ تَكُونَ لِأَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ قُوَّةً وَلِلسُّفَهَاءِ فِي تَرْكِهِمُ الْجُمُعَةَ فِتْنَةً يَحْتَجُّونَ بِكَ إِذَا عُويِرُوا عَلَى تَرْكِهَا.
 أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ لَا يَجْعَلَ مُصِيبَتَكَ فِي دِينِكَ ، وَلَا يُغَلِّبَ عَلْيَكَ شَقَاءً وَلَا اتِّبَاعَ هَوًى بِغَيْرِ هُدًى مِنْهُ ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ ]  

أقول : هذه رسالة عظيمة فيها شفقة محب على أخ له يحب له الخير والصلاة .
وفيها جواب عام لكل فهم مبتدع في دين الإسلام فالأحاديث هذه التي تحتج بها من فهم من السلف فهمك وترك من أجلها الجمعة والجماعات ؟
هذا تأصيل عام ينبغي أن يحضر في كل مسألة وكل قوم
وكما قال الإمام أحمد : إن استطعت أن لا تحك رأسك إلا بأثر فافعل .


هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم


جميع الحقوق محفوظة لمدونة عبد الله بن سليمان التميمي ©2013-2014 | |