من أحب أن يبلغ مراتب الغرباء فليصبر على جفاء أقرب الناس...!

قال الإمام الآجري في كتاب صفة الغرباء [ 26 ] :


 مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَبْلُغَ مَرَاتِبَ الْغُرَبَاءِ فَلْيَصْبِرْ عَلَى جَفَاءِ أَبَوَيْهِ وَزَوْجَتِهِ وَإِخْوَانِهِ وَقَرَابَتِهِ .
 فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَلِمَ يَجْفُونِي وَأَنَا لَهُمْ حَبِيبٌ وَغَمَّهُمْ لِفَقْدِي إِيَّاهُمْ إِيَّايَ شَدِيدٌ ؟
 قِيلَ: لِأَنَّكَ خَالَفْتَهُمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ حُبِّهِمُ الدُّنْيَا وَشِدَّةِ حِرْصِهِمْ عَلَيْهَا .
  وَلِتَمَكُّنِ الشَّهَوَاتِ مِنْ قُلُوبِهِمْ , مَا يُبَالُونَ مَا نَقَصَ مِنْ دِينِكِ وَدِينِهِمْ , إِذَا سَلِمَتْ لَهُمْ بِكَ دُنْيَاهُمْ .
 فَإِنْ تَابَعْتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ كُنْتَ الْحَبِيبَ الْقَرِيبَ .
  وَإِنْ خَالَفْتَهُمْ وَسَلَكْتَ طَرِيقَ أَهْلِ الْآخِرَةِ بِاسْتِعْمَالِكَ الْحَقَّ جَفَا عَلَيْهِمْ أَمْرُكَ .
 فَالْأَبَوَانِ مُتَبَرِّمَانِ بِفِعَالِكَ .
  وَالزَّوْجَةُ بِكَ مُتَضَجِّرَةٌ فَهِيَ تُحِبُّ فِرَاقَكَ .
وَالْاخَوَانِ وَالْقَرَابَةُ فَقَدْ زَهِدُوا فِي لِقَائِكَ .
 فَأَنْتَ بَيْنَهُمْ مَكْرُوبٌ مَحْزُونٌ .
 فَحِينَئِذٍ نَظَرْتَ إِلَى نَفْسِكَ بِعَيْنِ الْغُرْبَةِ , فَآنَسْتَ مَا شَاكَلَكَ مِنَ الْغُرَبَاءِ وَاسْتَوْحَشْتَ مِنَ الْإِخْوَانِ وَالْأَقْرِبَاءِ فَسَلَكْتَ الطَّرِيقَ إِلَى اللَّهِ الْكَرِيمِ وَحْدَكَ .
فَإِنْ صَبَرْتَ عَلَى خُشُونَةِ الطَّرِيقِ أَيَّامًا يَسِيرَةً وَاحْتَمَلْتَ الذُّلَّ وَالْمُدَارَاةَ مُدَّةً قَصِيرَةً وَزَهِدْتَ فِي هَذِهِ الدَّارِ الْحَقِيرَةِ ..أَعْقَبَكَ الصَّبْرُ أَنْ وَرَدَ بِكَ إِلَى دَارِ الْعَافِيَةِ .
 أَرْضُهَا طَيِّبَةٌ وَرِيَاضُهَا خَضِرَةٌ وَأَشْجَارُهَا مُثْمِرَةٌ وَأَنْهَارُهَا عَذْبَةٌ .
 فِيهَا مَا تَشْتَهِي الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ , وَأَهْلُهَا فِيهَا مُخَلَّدُونَ .
 {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ. خِتَامُهُ  مِسْكٌ. وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ . وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ. عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} .
 {وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}......إلى آخر كلامه رحمه الله في كتابه النفيس


جميع الحقوق محفوظة لمدونة عبد الله بن سليمان التميمي ©2013-2014 | |