تسخين أعين الجهيمة ببعض ما رواه حنبل عن الإمام أحمد




تسخين أعين الجهيمة ببعض ما رواه حنبل عن الإمام أحمد
 ------------------------------------------------------
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :


فمما اشتهر عند الجهمية ( الأشعرية وغيرهم ) الاحتجاج ببعض الآثار المتشابهة التي تروى عن بعض الأئمة من السلف

وجواب ذلك باختصار على نقاط :

1- لا يوجد أحد من هؤلاء يوافق أو يقول بكل تأويلاتكم

2- ليس أحد من أئمة الإسلام يسمي إثبات الصفات تشبيهاً

3- لم يفهم أحد من أئمة الإسلام المعتبرين من هذه الآثار أن الصفات تؤول على طريقتكم !

4- بعض هذه الآثار لا يصح أصلاً

5- بعض هذه الآثار ليس المراد منها الهروب من إثبات الصفة بل هو تفسير لسياق الآية أو الحديث

7- عامة هؤلاء الأئمة يثبتون الصفة التي تظنون أنه تأولها

وغير ذلك من الأجوبة التي بسطها ودلل عليها شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم في غير موضع من كتبهم


وخذ مثالاً حياً أخي القارئ الكريم المنصف :

مما يذكره هؤلاء  رواية منكرة رواها حنبل عن الإمام أحمد ذكرها أبو يعلى في إبطال التأويلات :

قَالَ أَحْمَد فِي رواية حنبل فِي قوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ} ، قَالَ: قدرته !

وقد ذكرها شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في سياق مناظرة وهو أتم

وذكر عن بعض أهل العلم أن الإمام أحمد قال هذا تنزلاً وإلزاماً للخصم , وقال هذا قريب 

وذكر أن كثيراً من الأصحاب نصوا على خطأ هذه الرواية

وعلى أن حنبل له مفاريد عن أحمد 

وهل يقبل ما يتفرد به عن الإمام ؟  على أقوال ذكرها الشيخ

إلى أن قال : وَبِكُل حَال فَالْمَشْهُور عِنْد أَصْحَاب الإِمَام أَحْمد أَنهم لَا يتأولون الصِّفَات الَّتِي من جنس الْحَرَكَة كالمجئ والإتيان وَالنُّزُول والهبوط والدنو والتدلى كَمَا لَا يتأولون غَيرهَا مُتَابعَة للسلف الصَّالح وَكَلَام السّلف فِي هَذَا الْبَاب يدل على اثبات الْمَعْنى الْمُتَنَازع فِيهِ .انتهى
 
ثم ذكر كلام السلف في إثبات الصفة [ كتاب الاستقامة ص 75 وما بعدها ]

قلت : مثل هذه الأخطاء عن الأئمة يجعلها الله عزوجل فتنة وبلاء , لكي يعرف الناس المتبع للهوى ممن يريد الحق

فتجد عامة الجهمية الأشعرية وأهل الكلام يذكرون هذه الرواية

وهذا دليل إفلاس وهوى لأسباب :

1- نصوص أحمد في إثبات الصفات أكثر من أن تجمع وتوجد في عامة مصادر الإسلام المهتمة بالعقيدة

2- نص عدد من الحنابلة أن هذه الرواية خطأ على الإمام ولا تجري على أصوله منهم أبو يعلى , وحتى قال أبو إسحاق بن شاقلا : هَذَا غلط من حنبل لا شك فيه

3- ورد عن أحمد نصوص في أن الآية رد على الجهمية وعلى من ينفي الحد كما في رواية ابن المبارك لما قيل له نعرف ربنا أنه فوق السموات على العرش بحد
فوافقه الإمام أحمد وذكر الآيات التي ترد على الجهمية وذكر منها : وجاء ربك


4- ذكر حرب والخلال والدارمي وغيرهم من أئمة الإسلام هذه الآية في آيات الصفات , وقال إسحاق ابن راهوية لما قيل له هذا في يوم القيامة فقال من يجيء يوم القيامة فمن يمنعه اليوم ؟
فلم يأخذون بقول أحمد - إن صح عنه - ويتركون كل هؤلاء ؟!
ولم يأخذون بقوله هاهنا ويتركون مئات الروايات عنه مما يخالف مذاهبهم ؟!

5- من قال من أئمة الإسلام أن إثبات هذه الصفة كفر أو تشبيه ؟ الجواب : لا أحد

والآن لبيت القصيد :

النصوص عن أحمد في إثبات الصفات وإكفار الجهمية والرد عليهم أكثر من أن تجمع وأكثر من أن تخفى على أحد
 فالسنة له والسنة لعبد الله والسنة للخلال والسنة لحرب والسنة لغلام الخلال وكتب العقيدة وحتى كتب المذهب وكتب أبي يعلى كلها تذكر نصوص أحمد في إثبات الصفات حيث لا يمكن دفعها أبداً
إلا بمكابرة الحس والعقل والانتقال للقرمطة والسفسطة

فلم تترك كل نصوصه ويتمسك بمثل هذا ؟

وإذا كانت روايات حنبل رحمه الله تعالى - وهو حافظ ولكنه يخطيء كما نص عليه غير واحد - تعجبُ هؤلاء  فلتسخن أعينهم بهذا :


1- قال حنبل : سمعت أبا عبد الله  يقول :

قال الله لموسى { إنني معكما أسمع وأرى } حكاية الله عن نفسه أنه يسمع ويبصر , ولا تكن رؤية إلا ببصر , كما وصف نفسه يسمع ويرى
هذا القرآن , فمن رد هذا فقد رد على الله أمره وقوله , وأنكر التنزيل


2- قال حنبل : قال أبو عبد الله : قال لي إسحاق ( يعني في المحنة ) لما قرأ الكتاب : { ليس كمثله شيء }
فقلت : وهو السميع البصير
فقال : ما أردت بهذا ؟
قلت : القرآن , صفة من صفات الله وصف بها نفسه ولا ننكر ذلك ولا نرده
وقول إبراهيم عليه السلام لأبيه : { يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر } فثبت أن الله سميع بصير
وقال : { يعلم السر وأخفى }
وقال : { إنني معكما أسمع وأرى }
فمن رد كتاب الله , ورد الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , واخترع مقالة عن نفسه , وتأول برأيه , فقد خسر خسرانا مبينا
صفاتُهُ منهُ , لا نتعدى القرآن


3- قال حنبل : سمعت أبا عبد الله يقول :
حدثت يحيى بن سعيد , حديث عبد الله : [ إن الله تبارك وتعالى يضع السموات على إصبع ]
قال : فجعل يحيى يحكي هذا , فيقول بإصبعه هكذا , حتى أتى على آخرها
وأرانا كيف يضع يحيى الخنصر , ثم التي تليها , إصبع إصبع , حتى عقد لنا حنبل ثلاثين .


4- قال حنبل : سمعت أبا عبد الله يقول : من زعم أن الله لم يكلم موسى فهو كافر بالله , وكذب بالقرآن , ورد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره
يستتاب من هذه المقالة , فإن تاب وإلا ضربت عنقه


5- قال حنبل : سمعت أبا عبد الله قال : { وكلم الله موسى تكليما } فأثبت الكلام لموسى كرامة منه لموسى عليه السلام , ثم قال بعده : { تكليما }


6- قال حنبل : قلت لأبي عبد الله : يكلم الله عبده يوم القيامة ؟
قال : نعم , فمن يقضي بين الخلق إلا الله , يكلم عبده ويسأله
الله عزوجل متكلماً , لم يزل متكلماً
لم يزل يأمر بما يشاء , له الحكم , ليس له عدل , ولا مثل
كيف شاء , وأنى شاء


7- قال حنبل : سمعت أبا عبد الله يقول :
نعبد الله بصفاته كما وصف نفسه , قد أجمل الصفة لنفسه , ولا نتعدى القرآن والحديث , ونقول كما قال
ونصفه كما وصف نفسه لا نتعدى ذلك
نؤمن بالقرآن كله , محكمه ومتشابهه
ولا نزيل عنه تعالى صفة بشناعة شُنّعت
ولا نزيل ما وصف به نفسه من : كلام , ونزول ,وخلوه بعبده يوم القيامة , ووضعه كنفه عليه .
وهذا كله يدل على أن الله يُرى بالآخرة
والتحديد في هذا بدعة , والتسليم لله بأمره
ولم يزل الله عزوجل متكلماً , عالماً , غفوراً , عالم الغيب والشهادة , علام الغيوب
فهذه صفات الله , وصف بها نفسه , لا تدفع , ولا ترد
وقال : { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } , { لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر } هذه صفات الله عزوجل
وهو على العرش بلا حد
وقال : { ثم استوى على العرش } كيف شاء , المشيئة له والاستطاعة
{ ليس كمثله شيء } وهو كما وصف نفسه , سميع بصير بلا حد ولا تقدير

قلت : قوله هنا : [ بلا حد ] يعني بلا حد مخلوق يحيط به سبحانه وتعالى , والحد بمعنى بائن من خلقه أثبته جماعة من السلف ومنهم الإمام أحمد رحمه الله تعالى , وقد جمع الحافظ الدشتي جزءاً في ذلك مطبوع بتحقيق عادل آل حمدان , وذكر الحد مذكور في كتب أهل السنة والمراد منه معنى بائن من خلقه .

8- قال حنبل : قلت لأبي عبد الله : المشبهة ما يقولون ؟
قال : بصر كبصري , ويد كيدي , وقدم كقدمي , فقد شبه الله بخلقه , وهذا كلام سوء
والكلام في هذا لا أحبه
وأسماءه وصفاته غير مخلوقه
ونعوذ بالله من الزلل والارتياب والشك
إنه على كل شيء قدير


9- قال حنبل : سمعت أبا عبد الله يقول :
يضحك الله عزوجل , ولا نعرف كيف ذلك , إلا بتصديق الرسول وتثبيت القرآن


10 - قال حنبل : سألت أبا عبد الله : عن أحاديث تروى عن النبي صلى الله عليه وسلم : [ إن الله عزوجل ينزل إلى السماء الدنيا ]
فقال : نؤمن بها ونصدق بها

تلك عشرة كاملة معاشر الجهمية  فماذا تنكرون منها , وبماذا تؤمنون
وأنتم تمنعون من هذا الذي رواه حنبل كله ! وتعدونه كفراً وتشبيهاً !!
كإثبات الصفات , والإستدلال بمجرد النصوص , والإشارة الحسية , وتكفير من خالف ذلك !

[ ذكر هذه الآثار الحافظ أبو بكر عبد العزيز  المشهور بغلام الخلال في جزء السنة - مطبوع في مقدمة زاد المسافر ]

والحمد لله رب العالمين ....



جميع الحقوق محفوظة لمدونة عبد الله بن سليمان التميمي ©2013-2014 | |