نقد كتاب [ عبقرية عمر ] للعقاد ( الحلقة الثالثة )

نقد كتاب [ عبقرية عمر  ] للعقاد

 الحلقة الثالثة 

[  الحلقة الأولى  ]       [   الحلقة الثانية   ]

تنبيه : الترقيم تابع للحلقات السابقة : 
 
31- [ أظهروا لنا حسن أخلاقكم والله أعلم بالسرائر ]
أقول : أقول هذا الخبر رواه الطبري في خطبة طويله جداً ذكرها عن عمر لا تشبه خطب الصحابة
ومدارها على الضعفاء والكذابين ومخرجها مرسل [ عروة عن عمر ] وهي خطبة طويله غريبة
وورد في المعنى وليس باللفظ عن عمر آثار مقاربة .

32- قال العقاد : [ كثرة مشاورته للكبار والصغار والرجال والنساء مشاورة من علم أن جوانب الآراء تتعد ]
أقول : كان عمر يستشير الشباب يبتغي حدة عقولهم كما قال الزهري .
ومن أشهرهم ابن عباس رضي الله عنه الذي كان شاباً آنذاك
وأما قوله النساء فلا أصل له ولا دليل عليه  .
 وأما قوله جوانب الآراء تتعد فهذه نزعة عصرية  لا وجود لها .
والآراء السديدة تؤخذ من أهلها الذي هم أهل الفقه والدين العالمين بالكتاب والسنة .

33- وذكر أن عمر قال : [ أخوف ما أخاف عليكم إعجاب المرء برأيه ]
أقول : هذا الأثر مداره على موسى بن عبيدة الربذي وهو متروك يرويه عن طلحة بن عبيد الله بن كريز وهو من صغار التابعين عن عمر ولم يدرك عمر .

34- قال العقاد : [ قال المغيرة بن شعبة لعمرو بن العاص : أأنت كنت تفعل أو توهم عمر شيئاً فيلقنه منك ! والله ما رأيت عمر مستخلياً بأحد إلا رحمته كائناً من كان ذلك الرجل , كان عمر والله أعقل من أن يُخدع , وأفضل من أن يَخدع ]
أقول : وهذا الأثر كذب محض إنما ذكره ابن أبي الحديد شارح نهج البلاغة وهو كذب لا وجود له في دواوين الإسلام , إلا الفقرة الأخيرة [ كان عمر ...الخ  ] فقد ذكرها عبد الله بن أحمد في الفضائل بلا إسناد قال بلغني وذكرها .
 وهذا الخبر لم أجده إلا في كتب الرافضة !
فيا لله العجب ,  أتكون كتب أكذب الناس مراجع للكتابة عن أصحاب رسول الله ؟!

35- وذكر العقاد أن عمر قال : [ لست بالخب ولا الخب يخدعني ]
أقول : هذه الكلمة لا تصح عن عمر ولم أقف لها على إسناد عنه إنما هي من كلام إياس بن معاوية رحمه الله

36- ذكر العقاد هذه الحكاية : [هم عمر رضي الله عنه أن يعزل المغيرة بن شعبة عن العراق ويولي جبير بن مطعم مكانه  وأوصى جبيرا يكتم ذلك، ويتجهز للسفر.
فأحس بذلك المغيرة بذلك وسأل جليساً له أن يدس امرأته وهي مشهورة بلقط الأخبار حتى سميت لقطاة الحصا لتستطلع النبأ لتدور في المنازل حتى دخلت منزل جبير، فوجدت امرأته تصلح امره، فقالت: إلى أين يخرج زوجك؟ قال: إلى العمرة، قالت: كتمك، ولو كان لك عنده منزلة لأطلعك. فجلست متغضبة فدخل إليها جبير وهي كذلك، فلم تزل به حتى أخبرها، وأخبرت لقاطة الحصى. ودخل المغيرة على عمر: فقال: بارك الله لأمير المؤمنين في رأيه وتوليته جبيراً. فلم يعجب عمر وقوفه على السر
فقال: كأني بك يا مغيرة فعلت كيت وكيت ، كأنما سمع ورأى  وقال: أنشدك الله، هل كان ذلك؟ قال: اللهم نعم. ثم صعد المنبر وقال: أيها الناس، من يدلني على المخلط المزيل النسيخ وحده؟
 فقام المغيرة فقال: ما يعرف ذاك في أمتك غيرك؛ فأبقاه على ولايته ، ولم يزل والي العراق حتى مات ]
أقول : وهذا الخبر محض كذب لا وجود له في دواوين الإسلام إنما ذكره الزمخشري في ربيع الأبرار وابن حمدون في التذكرة ومن هؤلاء حتى يؤخذ منهم أخبار الصحابة !
 وهذا الخبر أيضاً منتشر في كتب الروافض الطعانين في الصحابة والإسلام ككل.
 فتأمل مشابهة هؤلاء للرافضة !

37- ذكر العقاد قصة عمرو بن العاص مع القبطي والتي في آخرها [ متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ]
أقول : هذا الخبر لا يصح ذكره ابن عبد الحكم في فتوح مصر وإسناده ضعيف جداً وهو مرسل قال ابن عبد الحكم :  حدثت عن أبي عبدة ( واسمه يوسف ) عن ثابت وحميد عن أنس
وأبو عبدة ضعيف جداً في ثابت بل بعضهم اتهمه في بعض حديثه عن ثابت وبينه وبين ابن عبد الحكم مفاوز فالخبر ضعيف جداً

38- قال العقاد : [ أحصى – يعني عمر – على خالد بن الوليد بعض المآخذ منها انفاقه من بيت مال المسلمين في غير ما يرضاه فأمر به أن يحاكم في مجلس عام وعزله بعد مقاسمته ما يملك من مال ومتاع ]
أقول : قوله [ مجلس عام ويحاكم ] من خيالات العقاد التي لا وجود لها  ولم أقف لها على أصل ولا أدري من أين يأتي بها , وأخشى أن تكون مما عملت يداه , والله أعلم
وقال أيضاً عن هذه الحادثة : [ كتب إلى أبي عبيدة يأمره أن يقاسم خالدً ماله نصفين فقاسمه جميع ماله حتى بقيت نعلاه , فقال أبو عبيدة : إن هذا لا يصلح إلا بهذا , فأبى خالد أن يخالف أمر عمر واعطاه إحداهما وأخذ الأخرى ]
أقول : هذه الرواية كذب ذكرها الطبري من طريق سيف بن عمر وهو إخباري كذاب ويذكرها أصحاب الأدب والطرائف بلا إسناد فلا يصلح ذكرها ولا الاستشهاد بها .
ثم هذا الحكم لا أعرف ما وجهه وبأي وجهه يقسم كل ماله نصفين !
وقد صح عن عمر أنه لما مات خالد بن الوليد قال :[  يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا سُلَيْمَانَ , لَقَدْ كُنَّا نَظُنُّ بِهِ أُمُورًا مَا كَانَتْ ] .انتهى رواه ابن سعد في الطبقات بسند صحيح

39- ذكر العقاد حكاية : [ جبلة بن الأيهم مع عمر وأن رجلاً داس على رجله فلطمه فلما اقتص منه عمر وجرت بينهما حكاية تنصر جبلة ولحق بالروم وكتب قصيدة في ذلك  ]
أقول : أما تنصر جبلة فذكروه وروي ذلك عن بعض السلف  .
وأما القصة بتفاصيلها فلا تصح ولا إسناد لها ولم تذكر إلا في كتب الأسمار والأشعار .
وهذا مما لا يعتمد عليه كما هو معلوم عند العقلاء .

40- قال العقاد عن عمر : [ وكان يحمل الدرة لينبه المخالفين في الطريق ويذكرهم هيبة القانون ]
أقول : وهذه سياق عصري لا يعرفه عمر ولا غيره أعني قوله [ هيبة القانون ]  .
 إنما عمر كان يحمل الدرة ويعاقب بها وينكر بها المنكر ليذكر الناس بالله وبالحق والعدل

41- : وقال العقاد : [ يركب في السوق فيكسر ما برز من الدكاكين ويخفق التجار بالدرة إذا تكوفوا على الطعام وقطعوا طريق السابلة ]
أقول : هذا الكلام بنصه لم أقف له على أصل وعمر كان يكره أن تنزل السعر جداً فتفسد على غيرك وقال لا يدخل في سوقنا إلا من يعرف الحلال والحرام وأشباه هذا
أما بالتفصيل المذكور فلم أقف له على أصل .

42- وقال العقاد : [ وينهى الولاة عن الاتكاء في مجالس الحكم وكتب إلى عمرو بن العاص : وقع إلي أنك تتكئ في مجلسك فإذا جلست فكن كسائر الناس ]
أقول : هذا الأثر لا يصح بحال يرويه المدائني علي بن محمد عن عمر مباشرة وبينه وبين عمر مفاوز ولا أحسبه يصح إليه فقد رواه الدينوري – وقد اتهمه الدارقطني بالكذب – عن رجل مجهول عنه
ورواه ابن عساكر في تاريخه وفي إسناده مجاهيل
فالأثر إلى الكذب أقرب , والله أعلم

43- : قال العقاد : [ كان ينزل درجة من سلالم المنبر بعد أبي بكر لأن الخليفة الأول أحق منه بالتقديم ]
أقول : هذا الخبر لا يصح ولم أقف له على إسناد قال صاحب كتاب الرياض العشرة.
 قال الزهري فذكره ومراسيل الزهري واهية أصلا وبين مصنف الكتاب والزهري  سبعة قرون !

44- وقال العقاد قال عمر : [ إياكم والسمنة فإنها عقلة ]
أقول : هذا الأثر كذب ذكره الجاحظ في البرصان والعرجان وهو كذب لا وجود له في دواوين الإٍسلام , وكل ما تفرد به هؤلاء فهو كذب ولو جلس الرجل عمره كله يحصي أكاذيبهم على رسول الله وعلى أصحابه وعباده الصالحين لم يكفه ذلك والله أعلم

45- وقال العقاد : [ إياكم والبطنة فإنها مكسلة عن الصلاة ومفسدة للجسم ومودية للسقم وعليكم بالقصد في قوتكم فهو أبعد من السرف وأصح للبدن وأقوى على العبادة ]
أقول : هذا الخبر لا يصح عن عمر بحال  رواه ابن أبي الدنيا في الجوع وفي إسناده معلى بن هلال كذاب 
ورواه أبو نعيم في كتاب الطب بإسناد مسلسل بالمجاهيل عن عمر
والمشهور أنه عن سفيان الثوري قال: كان يقال فذكره  .

46- قال العقاد وقال عمر : [ من كثر ضحكه قلت هيبته ومن كثر سقطه قل ورعه ]
أقول : هذا الأثر لا يصح مداره على دويد بن مجاشع أو دريد بن مجاشع وهو رجل مجهول يرويه بإسناده عن مالك بن دينار عن عمر ولم يدركه .

47- قال العقاد : [ كان يأمر بتعلم الرماية والسباحة والفروسية والمصارعة وكل رياضة يتدرب عليها الجندي وتتهذب بها الأبدان والأخلاق ]
أقول : أما تعلم الرماية والسباحة وركوب الخيل فهو من مراسيل مكحول عنه .
 أما المصارعة وكل رياضة فلا أعلم لها أصلا عنه وما رأيت من ذكره .

48- قال العقاد : [ دون الدواوين وأحصى كل نفس في الدولة الإسلامية كأدق إقصاء ادعاه الموكلون بالتجنيد في العالم الحديث , فما من رجل أو امرأة أو طفل إلا وعرف مكانه وعرفت حصته من بيت المال ]
أقول : وفي هذا الكلام مبالغة إنما هو دون الدواوين وعرف العرفاء وفرض للناس الفروض المشهورة عنه , وهذه التفاصيل لم أجد من ذكرها .

49- ذكر العقاد الأعطيات في زمن عمر وأنه رتبت كالآتي ترتيبا بكثرة الأعطية أو قلتها  : [ 1- من شهد بدراً  2- الحاضرون في الحديبية 3- الذين اشتركوا في حروب الردة 4- الذين اشتركوا في معارك الروم وفارس ]
أقول : إنما قال في خطبته بالجابية : وَأَنَا بَادِئٌ بِأَهْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَشْرَفِهِمْ، فَفَرَضَ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ عَشْرَةَ آلَافٍ إِلَّا جُوَيْرِيَةَ ، وَصَفِيَّةَ ، ومَيْمُونَةَ ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْدِلُ بَيْنَنَا ، فَعَدَلَ بَيْنَهُنَّ عُمَرُ.
ثُمَّ قَالَ : إِنِّي بَادِئٌ بِأَصْحَابِي الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ ، فَإِنَّا أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا ظُلْمًا ، وَعُدْوَانًا .
 ثُمَّ أَشْرَفِهِمْ فَفَرَضَ لِأَصْحَابِ بَدْرٍ مِنْهُمْ خَمْسَةَ آلَافٍ ، وَلِمَنْ كَانَ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ ، وَلِمَنْ شَهِدَ أُحُدًا ثَلَاثَةَ آلَافٍ .
 قَالَ : وَمَنْ أَسْرَعَ فِي الْهِجْرَةِ أَسْرَعَ بِهِ الْعَطَاءُ ، وَمَنْ أَبْطَأَ فِي الْهِجْرَةِ أَبْطَأَ بِهِ الْعَطَاءُ .
[ رواه الإمام أحمد في المسند /  15905 ] 
قلت : ولم أقف على من ذكر حروب الردة وحروب الروم وفارس في ذلك , إنما ذكر أصحاب الحديبية في رواية يعقوب بن سفيان في المعرفة والظاهر أنه شاذة تخالف هذه الروايات التي هي أصح منها .

50- قال العقاد : [ وقسم الجيش إلى عشرات ثم قسمهم لكتائب وبنود ]
أقول : وهذا لم أقف له على أصل ولم أر من ذكره حتى في المتأخرين.

يتبع بإذن الله تعالى ....





جميع الحقوق محفوظة لمدونة عبد الله بن سليمان التميمي ©2013-2014 | |