الرد على نشأت بن كمال في دعواه أن الإمام أحمد يضعف أحاديث وكيع بن حدس

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

                   
فقد وقفت على كلام الباحث / نشأت بن كمال المصري - هداه الله - في تحقيقه لكتاب الصفات للحافظ الدارقطني رحمه الله تعالى

وذلك في [ ص 94-95 ] :  حاشية الكلام على حديث يعلى بن عطاء عن وكيع بن حدس عن أبي رزين رضي الله عنه   فقال

: وفي هذا السند مقال من وجهين :

الأول : أن يعلى بن عطاء روى عن وكيع بن حدس خمسة أحاديث وقال أحمد [  كما في العلل ومعرفة الرجال 1/279 رقم 1789 ] : لم يسمعها هذه أحاديث معروفة لم يسمعها .اهـ

أقول : وهذا غلط على الإمام أحمد وهو غلط فاحش قبيح
إذ أن الإمام أحمد لا يتكلم عن سماع يعلى من وكيع بن حدس في هذا النقل !

قال الإمام عبد الله بن أحمد في في المصدر المعزو إليه :
سَمِعت أبي يَقُول : ذكرنَا عِنْد وَكِيع بن الْجراح أَحَادِيث يعلى بن عَطاء عَن وَكِيع بن حدس.
فَقلت هَذَا يرْوى عَنهُ خَمْسَة أَحَادِيث .
فَجعل يذكر ذَلِك .
قَالَ أبي لم يسْمعهَا , هَذِه أَحَادِيث مَعْرُوفَة , لم يسْمعهَا .اهـ

أقول :
يريد الإمام أحمد أن هذه الأحاديث معروفة والذي لم يسمعها هو وكيع بن الجراح لم يعرف تلك الأحاديث لأنه لم يسمعها
وفيما أحسبت أن قوله [  فجعل يذكر ذلك ] تصحيف وصوابه [ فجعل ينكر ذلك ] يعني وكيع
فيرد عليه الإمام أحمد ويبين أن سبب إنكاره أنه لم يسمعها , وما كان الإمام وكيع بسعة إطلاع الإمام أحمد رحمهما الله

وهذا واضح من السياق والله أعلم .

ولو كان الإمام أحمد يتحدث عن سماع يعلى من وكيع لما كان لذكر وكيع بن الجراح معنى

ثم يعلى روى عنه شعبة وهو لا يروي عن شيوخه إلا ما سمعوه

وقد صرح بالسماع منه في مسند الإمام أحمد [ حديث رقم 16298 ] برواية شعبة عنه

وكل من وثق وكيعاً يثبت سماع يعلى منه إذ أنه لم يرو عنه إلا يعلى بن عطاء .

وتضعيف هذه الأحاديث بوكيع بن حدس لا وجه له البتة
ولم يضعفها أحد من أئمة الحديث المتقدمين قط

وقول الإمام أحمد [ هذه أحاديث معروفة ]  يريد أنها غير منكرة وهي معروفة متداولة صحيحة لم يطعن فيها أحد

أما من أعلها بجهالة وكيع بن حدس فقد أبعد .

فوكيح بن حدس وثقه ابن حبان وقال في مشاهير علماء الأمصار [ ص 124 ]  : من الأثبات .
أقول : وقد قسم المعلمي في كتاب التنكيل توثيقات ابن حبان إلى ثلاث أقسام
فجعل في الطبقة الأولى والعالية قوله [ مستقيم الحديث ] [ وكان متقناً ]
وقوله من الأثبات قريب جداً من قوله كان متقناً .

وقال عنه الجوزقاني [ الصحاح والمشاهير 1/232 ]  : صدوق صالح الحديث .

وممن صحح حديثه :
الترمذي في جامعه قال عنه حسن صحيح [ 2279 ] .
وابن خزيمة في كتاب التوحيد [ احتج به ] .
والطبري في تاريخه [ 1 / 40 ] .
وقال الدارقطني في الصفات [ 57 ]:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ بْنَ سَلَّامٍ :
وَذَكَرَ الْبَابَ الَّذِي، يَرْوِي فِيهِ الرُّؤْيَةَ وَالْكُرْسِيَّ وَمَوْضِعَ الْقَدَمَيْنِ ، وَضَحِكِ رَبِّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غِيَرِهِ ، وَأَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاءَ ، وَأَنَّ جَهَنَّمَ لَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رَبُّكَ عَزَّ وَجَلَّ قَدَمَهُ فِيهَا فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ ، وَأَشْبَاهَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ .
فَقَالَ: هَذِهِ الْأَحَادِيثُ صِحَاحٌ ، حَمَلَهَا أَصْحَابُ الْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ ، وهِيَ عِنْدَنَا حَقٌّ لَا نَشُكُّ فِيهَا .
وَلَكِنْ إِذَا قِيلَ كَيْفَ وَضَعَ قَدَمَهُ وَكَيْفَ ضَحِكَ ؟
قُلْنَا لَا يُفَسَّرُ هَذَا وَلَا سَمِعْنَا أَحَدًا يُفَسِّرُهُ .اهـ

أقول : فهذا أبو عبيد القاسم بن سلام الإمام يصحح هذه الأحاديث وينص على حمل أصحاب الحديث هذه الأحاديث وأنها حق وأقره عليها الحافظ الدارقطني كما ترى .

وصحح هذه الأحاديث شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم .
وخرج حديثه أبو داود في كتاب السنة من سننه [ 4733 ]
وابن ماجه في مقدمته المختصة بالعقيدة [ 3914 ]

ولا أعرف أحداً من المصنفين في العقيدة أو السنة من أئمة الإسلام إلا وخرج أحاديث يعلى عن وكيع عن أبي رزين
منهم :
الإمام عبد الله بن الإمام أحمد في السنة , وابن أبي عاصم في السنة , وابن خزيمة في التوحيد , والدارقطني في الصفات , وأصول السنة لابن أبي زمنين , والإبانة لابن بطة , والدارمي في كتبه , وكتاب الحافظ اللالكائي
وغيرهم الكثير الكثير .

وما قال أحد من أئمة الإسلام أن هذه الأحاديث ضعيفة

وحتى الذهبي الذي قال في الميزان : لا يعرف , حسن حديثه في كتاب العرش.

وحتى البيهقي في كتابه الصفات راح يؤول هذه الأحاديث ويصرفها عن ظاهرها , ولم يقل أنها ضعيفة ! فتأمل

وهؤلاء دائماً ما يتعاملون في تصحيح الأحاديث بطريقة المثبت مقدم على النافي

فنقول : نفى الإمام أحمد السماع وأثبته غيره وصحح الأحاديث ! فالمثبت مقدم على النافي !

وفي الختام نقول لهولاء الإخوة الذين يحققون كتب العقيدة تريثوا وانظروا فأنتم تحققون كتب أئمة الإسلام خصوصاً في الأحاديث التي تتابع الأئمة على ذكرها .

وأنت كما ترى هذا الأخ لم يفهم كلام الإمام أحمد على وجهه ثم بنى عليه تضعيف الخبر .

والله المستعان .

 هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم


جميع الحقوق محفوظة لمدونة عبد الله بن سليمان التميمي ©2013-2014 | |