نقد كتاب عبقرية عمر للعقاد [ الحلقة الخامسة ]



نقد كتاب عبقرية عمر للعقاد [ الحلقة الخامسة ]
 

71- قال العقاد : ذكر العقاد قصة وذكر في أولها : [ يئس يوماً من السمر والخمر فذهب يطوف بالبيت ...الخ في حكاية طويلة  ]
أقول : وهذا الكلام لم أقف له على أصل 


72- وقال : [ نذر في الجاهلية أن يعتكف ليلة كل أسبوع ]
أقول : الوارد أنه نذر أن يعتكف ليلة واحدة فقط  وهذا مخرج في الصحيحين وغيرهما وأما قوله ليلة كل أسبوع فلا أصل له فيما أحسب  


73- وقال : : [ قال له خاله لما أسلم قد أجرتك يا ابن أختي ...وذكر قصة ... ثم ذكر أن عمر قال جوارك مردود عليك ]
أقول : وهذا الخبر لا يصح رواه عبد الله بن أحمد في فضائل الصحابة وغيره من طريق إسحاق بن إبراهيم الحنيني وهو ضعيف عن أسامه بن زيد بن أسلم وهو ضعيف جداً  عن أبيه عن جده في خبر طويل جداً وقد ذكر عنهما سوء الحفظ الشديد فلا يحتمل منهم هذا الخبر والله أعلم .


74- وقال : [ قال أي أهل مكة أنقل للحديث قيل له جميل بن معمر الجمحي فذهب إليه فصرح له بإسلامه ]
أقول :  وهذا جزء من الخبر السابق 


75- وقال : [ قال لقريش : افعلوا ما بدا لكم فو الله لو كنا ثلثمائة رجل لتركتمونا وحالنا أو لتركناكم وحالكم ]
أقول : وهذا جزء من الخبر السابق 


76- وقال : [ كان أجرأهم عليه عتبة بن ربيعة , فيصرعه – يعني عمر – ويبرك عليه يضربه ويدخل اصبعيه في عينيه ]
أقول : هذا لا أصل له عن عمر وذكر نحوها سيد قطب في ظلاله عن عبد الله بن مظعون ولم أقف لها على أصل صحيح 


77- ذكر العقاد [ خبراً طويلا وفيه أنه قال : فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ إِنْ مُتْنَا وَإِنْ حَيِينَا ؟
قَالَ:  بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ عَلَى الْحَقِّ إِنْ مُتُّمْ وَإِنْ حَيِيتُمْ.
 قَالَ: فَقُلْتُ: فَفِيمَ الِاخْتِفَاءُ؟ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَتَخْرُجَنَّ ... الخ ]
أقول : وهذا الخبر كذب مداره على إسحاق بن أبي فروة متروك وكذبه بعضهم رواه أبو نعيم في الحلية


78- قال : [ وقال علي – يعني ابن أبي طالب : ما علمت أحداً من المهاجرين هاجر إلا مختفيا إلا عمر بن الخطاب ]
أقول :  وهذا لا يصح رواه ابن عساكر بإسناد مسلسل بالمجاهيل الذين لا يعرفون , وقد روى ابن إسحاق بالسيرة بإسناد أجود من هذا وأحسن أنه هاجر مختفياً 


79-قال [ لا تنظروا إلى صيام أحد ولا إلى صلاته , ولكن انظروا إلى من إذا حدث صدق وإذا ائتمن أدى وإذا أشفى ورع ]
أقول : هذا الأثر يرويه أبو نعيم في الحلية فيه راو لم أعرفه ومخرجه مرسل أبو قلابة عن عمر ولم يسمعه , ومعناه صحيح والله أعلم


80- وقال : [ لا يعجبنكم من الرجل طنطنته ]
أقول :  وهذا الخبر رواه ابن المبارك في الزهد مداره على عبد العزيز بن عبد الرحمن وعبد بن أم كلاب وكلاهما لم يوثق وقد تحتمل مثل هذه الاخبار وإنما ذكرته للتنبيه فقط  .


81- وقال : [ ليس خيركم من عمل للآخرة وترك الدنيا أو عمل للدنيا وترك الآخرة ولكن خيركم من أخذ من هذه ومن هذه , إنما الحرج في الرغبة فيما تجاوز قدر الحاجة وزاد على الكفاية ]
أقول :  وهذا الكلام كذب لا أصل له عن عمر رضي الله عنه وروي نحوه مرفوعاً للنبي صلى الله عليه وسلم وهو كذب موضوع أيضاً ذكروه في الموضوعات .


82- وقال : [ المتوكل الذي يلقي حبه في الأرض ويتوكل على الله ]
أقول : هذا الخبر قد يحتمل فيه عون الليثي مجهول ومعاوية بن قرة لم يسمع عمر , وقد تركته للتنبيه وإلا فقد يحتمل مثله ومتنه حسن جداً


83- : [ لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني وقد علم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة وإن الله يرزق الناس بعضهم من بعض ]
أقول : وهذا الخبر لم أقف له على إسناد إنما يذكره بعض المتأخرين ويزيدون فيه وينقصون ولم أقف له على أصل وأقدم من ذكره الغزالي في الإحياء – وهو موطن المناكير والموضوعات – وقد ذكره بلفظ مقارب .


84- وقال : [ كان يضرب من يتماوت ويستكين ليظهر التخشع , نظر إلى رجل مظهر للنسك متماوت فخفقه بالدرة وقال له : لا تمت علينا ديننا أماتك الله ]
أقول : وهذا الأثر لم أقف له على أصل مسند إنما ذكره بعض الناس بلا إسناد وأقدم من ذكره ابن المبرد في الكامل بلا إسناد ولا يعتمد على مثل هذا  .


85- وقال : [ رأى شاباً منكساً رأسه صاح به : ارفع رأسك فإن الخشوع لا يزيد على ما في القلب فمن أظهر لله خشوعاً فوق ما في قلبه فإنما أظهر ذلك للناس نفاقاً إلى نفاق ]
أقول : وهذا لم أقف له على أصل مسند إنما ذكره بعض المتأخرين بلا إسناد .


86- وقال : [ أنتم بخير ما نزوتم على ظهور الخيل ]
أقول : وهذا لا أصل له إنما ذكره أصحاب السير والأسمار بلا إسناد .


87- وقال : [ كتب إلى أبي عبيدة : إنك قد أنزلت الناس إلى أرض غمقه فارفعهم إلى أرض مرتفعة نزهه ]
أقول : وهذا خبر طويل رواه ابن جرير في تهذيب الآثار مداره على أبي عاصم عبيد الله بن عبد الله وفيه ضعف عن علي بن زيد وهو ضعيف عن عمر ولم يدركه فهو معضل.


88- قال العقاد : [ كذلك لم يكن يؤمن بشيء ينفع أو يضر غير ما عرفت أسباب نفعه وضره , وذكر خبر تقبيل الحجر الأسود ]
أقول : وهذا الكلام ليس بإطلاقه , بل كان الصحابة من المسلمين للنصوص إنما أراد عمر أنه يفعل ذلك عبادة وقربة لله كما أمر الله ورسوله , ولو أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء لم يعرف أسباب نفعه وضره لفعل بلا شك . فالعبارة مشوشة فيما أرى


89- وقال : [ كتب إليه أبو عبيدة أنه لا يريد الإقامة بأنطاكية لطيب هواها ووفرة خيراتها مخافة أن يخلد الجند إلى الراحة فلا ينتفع بهم بعدها بقتال , فأنكر عليه ذلك وأجابه : إن الله لم يحرم الطيبات على المتقين الذين يعملون الصالحات ..... وقال كان يجب عليك أن تريح المسلمين من تعبهم ومن ....الخ في خبر طويل  ]
أقول :  وهذا الخبر كذب على عمر وأبي عبيدة ذكره الواقدي الإخباري الكذاب في فتوح الشام


90- وقال  [  أنكر على عامله باليمن حللا مشهرة ودهونا معطرة فدعا إليه بالعالم الذي يليه فجاء أشعث مغبراً عليه أطلاس , فقال : لا ....ولا كل هذا إن عاملنا ليس بالشعث ولا العافي كلوا واشربوا وادهنوا إنكم ستعلمون الذي أكره من أمركم ]
أقول : ذكره ابن قتيبة في الغريب من طريق ميمون بن مهران عن عمر وهو مرسل وقد يحتمل إنما ذكرته للتنبيه .


91- وقال :[ حان وقت الصلاة وهو في جالس في صحن كنيسة القيامة فخرج وصلى خارج الكنيسة على الدرجة التي تلي بابها بمفرده وقال للبطرك لو صليت داخل الكنيسة لأخذها المسلمون من بعدي وقالوا هنا صلى عمر , ثم كتب كتابا يوصي المسلمين ألا يصلي أحد منهم على الدرجة إلا واحداً واحداً غير مجتمعين للصلاة فيها ولا مؤذنين عليها , وكذلك كان يفعل في كل موضع صلى فيه من الكنائس التي عاهد النصارى على تركها وتحريم هدمها وسكناها ]
أقول : وهذا الخبر كذب محض ذكره ابن خلدون في التاريخ بلا إسناد ولم أقف عليه في كتاب متقدم فهو محض كذب وافتراء بلا شك لعن الله واضعه .


92- قال العقاد : [ بعث زياد بن حدير على عشور العراق والشام فمر عليه تغلبي نصراني معه فرس قوموها بعشرين ألفاً أو يمسكها ويعطي الألف ضريبة فأعطاه التغلبي ألفاً وأمسك فرسه ثم مر عليه راجعاً في سنته فطالبه بضريبة أخرى فأبى وشكاه إلى عمر وقص عليه قصته فما زاد على أن قال : كفيت ثم رجع التغلبي إلى زياد وقد وطن نفسه على أن يعطيه ألفاً أخرى فوجد عمر قد كتب إليه من مر فأخذت منه صدقه فلا تأخذ منه شيئاً إلى ذلك اليوم من قابل ] 
أقول : وهذه القصة باطلة منكرة جداً لا تصح
أقدم من ذكرها أبو يوسف صاحب الرأي في كتاب الخراج وفي إسنادها السري بن يحيى كذبه يحيى القطان وأجمعوا على تركه يرويها عن الشعبي وقد نص أبو داود أن له عن الشعبي أوابد .
وقد زاد العقاد فيها ونقص من عنده كقوله ضريبة وليست في أصل الخبر  كما فعل في عدد من الحكايات .


93- قال : [ وسمع أن بني تغلب لا يزالون ينازعون واليهم الوليد بن عقبة وينازعهم وأنهم أوغروا صدره فقال فيهم يتوعدهم :
إذا ما عصبت الرأس مني بمشوذ  .... فغيك مني تغلب ابنة وائل
فخشي أن يضيق بهم صبره فيسطوا عليهم فعزله وأمر غيره ]
أقول : وهذا الخبر كذب رواه ابن جرير من طريق سيف بن عمر إخباري هالك  



94- قال : [ فمر في أرض دمشق بقوم مجذمين من النصارى فأمر أن يعطوا من الصدقات وأن يجرى عليهم القوت ]
أقول :  هذا الخبر رواه البلاذري في كتابه فتوح البلدان من طريق هشام بن عمار عن أشياخه عن عمر وهذا معضل ولم أجد من ذكره غيره ولا يعتمد عليه  


95- قال : [ ولعل الذي يحصى له من الأوامر والخطط لا يعدو النهي عن استخدام بعض الذميين ومنعهم أن يتشبهوا في الأزياء والمظاهر بالمشركين ...إلى أن قال  وإجلاء بعضهم عن الجزيرة العربية إبان الفتوح ...الحذر من الكيد والتجسس والانتفاض ]
أقول : هذا الهراء من خيال العقاد لا وجود له ولم يذكره أحد , وإجلاء المشركين من جزيرة العرب هو أمر شرعي واجب على كل وال أن يفعله , وما فعله عمر هو اتباع للنصوص النبوية المعروفة , وهو في هذا الفصل جاهد بكل قوته أن يثبت لين عمر مع النصارى والمشركين خلافاً لما تواتر عنه ! , وذلك بسبب النفثة التغريبية المقيتة التي كانت ولا زالت تجتاح المسلمين فأردت بهم إلى هاوية الهاوية نسأل الله السلامة والعافية . 


96- وقال : [ فأما نهيه عن استخدام بعض الذميين فارجع إلى ما قاله في ذلك تعلم أنه منع استخدامهم لمصلحة العدل وكراهية الظلم والمحاباة !! فقال : إني نهيتكم عن استعمال أهل الكتاب فإنهم يستحلون الرشى ]
أقول : وهذا الخبر أقدم من ذكره القرطبي في تفسيره بلا خطام ولا زمام فهو إلى الكذب أقرب ولو كان محفوظاً لرواه الناس وأهل الحديث.


97- وقال  : [ طلب يوماً من أبي موسى رجلا ينظر في حساب الحكومة , فأتاه بنصراني فقال : إني سألتك رجلا أشركه في أمانتي فأتيت بمن يخالف دينه ديني ...
وقلما نهى عن استعمال اليهود والنصارى إلا ذكر بعدها : أنهم أهل رشى ولا تحل في دين الله الرشى ]
أقول : هذا الخبر لا إسناد له وأقدم من ذكره الطرطوشي في سراج الملوك فهذا التعليل الذي صوره العقاد أنه متواتر عن عمر , ليس له إسناد عنه !
وقد قال الطرطوشي قبل هذا الخبر بسطرين فقط :
[  وروي أن أمير المؤمنين المتوكل أقصى اليهود والنصارى ولم يستعملهم وأذلهم وأقصاهم، وخالف بين زيهم وزي المسلمين وجعل على أبوابهم مثالاً للشياطين لأنهم أقرب لذلك وهم أهله، وقرب منه أهل الحق وباعد عنه أهل الباطل والأهواء، فأحيا الله به الحق وأمات به الباطل، فهو يذكر بذلك فيترحم عليه ما دامت الدنيا . انتهى ] ثم ذكر بعض ذلك أن ما فعله المتوكل رحمه الله إنما يشبه سياسة عمر رضي الله عنه وذكر هذا الخبر وغيره تأكيداً لذلك فانظر ما أراد الطرطوشي من النقل وما أراد العقاد !

98- وقال : [ وكان له عبد من أهل الكتاب يقال له أسبق , فعرض عليه أن يسلم حتى يستعين به على بعض أمور المسلمين فأبى , وأعتقه وأطلقه وقال اذهب حيث شئت ].
أقول : هذا الخبر ذكره أبو عبيد في الناسخ
قال [  517 ]: حدثنا عبد الرحمن عن شريك عن أبي هلال الطائي  عن وشق الرومي  قال: كنت مملوكا لعمر بن الخطاب فقال لي: يا وشق أسلم فإنك إن أسلمت استعنت بك على أمانة المسلمين فإني لا أستعين عليهم بمن ليس منهم قال: فأبيت .
 فقال: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قال: ثم أعتقني وقال: اذهب حيث شئت .
قال أبو عبيد: وهذا وجه هذه الآية- إن شاء الله- أن تكون في أهل الذمة لأدائهم الجزية أو يكونوا مماليك فأمّا أهل الحرب فلا يكون لهم .انتهى 


99- وقال : [ لم يكن نهيه عن استخدام أهل الكتاب في مهام الدولة إلا إيثاراً للعدل وكراهية الرشوة والزيغ في الحكومة ]
أقول : وهذه نفثة خبيثة كما تقدم , إنما نهى عنهم أنهم أهل غدر وأنهم لا يرضون عن المسلمين أبداً حتى يتبع المسلمون ملتهم , والابتعاد عنهم ومخالفتهم هو المتعين على المسلم كما دلت عليه النصوص المتكاثرة .

100- ثم قال بعد هذه المحاماة الطويلة عن النصارى وكأنه رجل منهم ! [ وهذه سياسة عمر في مسألة الوظائف القومية !! ]
أقول :  لا يوجد شيء اسمه وظائف قومية آنذاك والناس كانت حياتها : قال الله تعالى وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والاتباع والنظر فيما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين وفعله


101- وقال : [ وأما إخراج الذميين من الجزيرة فما أخرج منهم أحداً إلا وقد غدر بذمته وكرر الغدر مرة بعد مرة ! ]
أقول : وهذا كذب من حيث وجوده من عدمه , وإذا حصل فهو من أدلة تطبيق الحكم الشرعي العام بإخراجهم وليس معناه أنهم لا يخرجون حتى يفعلون بل هم إن تمكنوا من فعله فعلوه وهذا ظاهر جداً ومعروف . 

يتبع بإذن الله تعالى ....


جميع الحقوق محفوظة لمدونة عبد الله بن سليمان التميمي ©2013-2014 | |