مناقشة بشار عواد وجماعة مؤسسة الرسالة في تعليقهم على ترجمة أبي حنيفة ( الحلقة الأولى )


مناقشة  بشار عواد وجماعة مؤسسة الرسالة في تعليقهم على ترجمة أبي حنيفة
 ( الحلقة الأولى )

الحمد لله رب العالمين , والعاقبة للمتقين , ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد :

فقد ابتلي المسلمون بجهلة من الناس يجعلون أنفسهم حكاماً على السلف يقيّمونهم ويزنون أفعالهم وأقوالهم بموازينهم العصرية المشهورة بالميل والتطفيف !

فمن ذلك ما تقوم به مؤسسة الرسالة ومحققها - بشار عواد - الذي لا ينفك يتلاعب بكلام الأئمة وبنصوصهم  , ويعلق بتعليقاته السخيفة التي يشنشن بها على كلام السلف وأئمة الإسلام

ولا ينتهض هو ولا أهل عصره ولا شيوخ شيوخه لمثل هذا ولا عشره ولا أقل من ذلك ولا أكثر

فلعمري من رمي بالبدعة في زمن السلف الصالحين لهو أكثر مروءة وأعلم بالله وأتقى من هؤلاء ولشسع نعل بعضهم خيرا من هؤلاء مجتمعين والله على ما أقول شهيد !

ومن ذلك تعليقاته على كتاب تاريخ بغداد للخطيب البغدادي , فأول ما يلاحظه القارئ أنه كلما تكلم أحد السلف بغلظة على مبتدع انتهض المحقق ليدافع عنه !

وكأنه وكل بهم , وما تقرأ حواشيه إلا وتظن أن السلف مجموعة من الظلمة يتكلمون في الناس بالباطل ! حاشا لله ورضي الله عنهم

هذا وبين الحين والآخر يذكر بيته وبيت جده في بغداد وأنه مشى في هذا الشارع وأنه فعل ولعمري تأملت ملياً بماذا يستفيد قارئ الكتاب من مكان بيته وبيت جده فما ظفرت بشيء !

وقد رد عليهم باحثون كثر في مسائل عديدة حديثية وعقدية ولكن القوم يرون في أنفسهم شيئاً كبيراً لا يلتفتون إلى أحد والله الموعد

ومن ذلك لما كتب بعض الباحثين فيما سقط من تراجم كتاب تهذيب الكمال فأجاد وبين كثيراً من الأخطاء والسقط في الكتاب

انتهض المحقق بأنه أصلح هذا كله قبل قراءة المقال ! ووالله لو كان ذلك حقاً لوجب السكوت عنه في مثل هذا الموطن وما فيه من الريبة

فما بالك بحالق اللحية مسبل الثياب مدخن بعيد عن سمت أهل العلم وصورهم متطفل على كتب أهل الحديث والإسناد لا هو منهم ولا هم منه , لا كثر الله في الناس أمثاله

وإنه والله لعيب بنا ونقص شديد أن نترك كتب المحدثين والسلف لمثل هؤلاء الصعافقة وأخشى أن يعمنا الله بعقوبة منه بسبب هذا التقصير نسأل الله عزوجل أن يعافينا ويعفو عنا


ولعلك تستغرب أخي القارئ ماذا يدفع الكاتب لكتابة مثل هذا الكلام الغليظ ؟

فأقول لك تعليقات هذا الرجل وطريقته في الاعتراض على الأئمة - لمن عرف قدرهم - تستوجب والله أكثر من ذلك

وقد كتبت عليه سابقاً مقالات انظر منها :

- نقض طعونات محققي تاريخ بغداد في الإمام حماد بن سلمة رحمه الله ( من هنا )

- الدفاع عن الصحابي الجليل المغيرة بن شعبة وما ذكروه في ترجمته في مسند الإمام أحمد ( من هنا )

- الرد على بشار عواد في دفاعه عن إبراهيم بن يحيى الأسلمي الجهمي ( من هنا )

وستقرأ يا طالب الحق ما جاء في هذا المقال وترى الدافع جلياً لمثل هذه الكلمات الغليظة التي لا تفي المقام عند منصف والله المستعان

وقبل البداء أود أن أقول أنه قد كتب في موضوع أبي حنيفة كثيراً من المقالات والكتب وغير ذلك

فأحيلك على هذه المراجع والمقالات ابتداء حتى لا تتشوش عندك أصل المسألة

1- انظر السنة لعبد الله - بتحقيق عادل آل حمدان - فصل ما حفظت عن أبي وغيره من العلماء في أبي حنيفة
2- انظر ترجمة أبي حنيفة في المجروحين لابن حبان
3- انظر ترجمة أبي حنيفة في كامل ابن عدي , وضعفاء العقيلي
4- وانظر ترجمة أبي حنيفة في التاريخ الكبير للبخاري
5 - وانظر كتاب رفع اليدين في الصلاة للإمام البخاري
6- وانظر الرد على أبي حنيفة من مصنف ابن أبي شيبة
7- وانظر نشر الصحيفة لمقبل بن هادي الوادعي
وانظر أيضاً :

8-  ما رواه عبد الله بن أحمد عن أبي حنيفة في كتاب العلل ( من هنا )

9 - ما رواه يعقوب بن سفيان الفسوي في كتاب المعرفة والتاريخ من أخبار أبي حنيفة وأصحابه ( من هنا )

10 - ما رواه الحافظ أبو زرعة الدمشقي في تاريخه من أخبار أبي حنيفة وأهل الرأي  ( من هنا )

11 -  قاعدة في التعامل مع الآثار المتعارضة في مدح وذم أبي حنيفة ( من هنا )

وانظر لزاماً - إن كنت طالباً للحق لا يهمك من خالفه - ما كتبه أخي ومعلمي أبو جعفر عبد الله بن فهد الخليفي وفقه الله في هذا الباب من المقالات

12 - كتاب  الترجيح بين أقوال المعدلين والجارحين في أبي حنيفة النعمان بن ثابت  ( من هنا )

13- نقد ترجمة أبي حنيفة في تهذيب الكمال للمزي ( من هنا )

14- تعقيب على حاتم العوني فيما ذكره عن المحدثين في أبي حنيفة  ( من هنا )

15 - الرد على بدر بن علي العتيبي في شأن أبي حنيفة ...  ( من هنا )

16- لا دفاعاً عن الخطيب بل حباً في الإنصاف  ( من هنا )

17- اعتراف هام لشيخ الإسلام في مسألة أبي حنيفة ... ( من هنا )

18- اسكت فقد أفسدت القصيدة ... ( من هنا )

19- استغناء أهل الحديث عن أهل الرأي ... ( من هنا )

20 - مناقشة يوسف الغفيص في كلامه عن أبي حنيفة لأبي سعيد الرادسي ... ( من هنا )

21- هل يذم حفص بن غياث نفسه ؟  ( من هنا )

22- التائبون من ضلالة الرأي ( من هنا )

23- توضيح ما ورد عن بعض السلف من قولهم « أبو جيفة »  ( من هنا )

24- كلام الغزالي في أبي حنيفة ... ( من هنا )

25- الرد على عمرو عبد المنعم سليم في دفاعه عن أهل الرأي وحطه على بعض أهل الحديث  ( من هنا )

26- الدفاع عن كتاب السنة للإمام ابن الإمام عبد الله بن أحمد ... ( من هنا )

27- مناظرة سليمان بن حرب لرجل احتج بقول أبي حنيفة  ( من هنا )

28- من عبث أهل الرأي في أمر الفروج  ( من هنا )

29- تحرير موقف شيخ الإسلام ابن تيمية من أهل الرأي  ( من هنا )

30 - بيان كذب قصة ترك الشافعي القنوت في الفجر لأجل أبي حنيفة ( من هنا )

31- من تجديد الإمام الشافعي  ( من هنا )
32- من حذق الإمام الشافعي في الرد على أهل الرأي ... ( من هنا )
وقد كتب غير هذا كثير , وكما قال الأول : طالب الحق يكفيه دليل وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل أو كما قال .

والآن نبدأ في التعليق على خربشاتهم في حاشية تاريخ بغداد المجلد الخامس عشر في ترجمة النعمان أبي حنيفة :

في أول الترجمة ذكروا كتاب المجرم الأثيم لا رحمه الله ولا رضي عنه محمد زاهد الكوثري المقبور ويسمونه بالشيخ !
وقالوا : ورد عليه العلامة المحقق المعلمي  , وذكروا كتباً أخرى
ثم قالوا : وكلها فيها من التجريح والعبارات النابية مما لا ينبغي أن يصدر عن أهل العلم !

فسبحان الله أيوضع كتاب المعلمي الذي دافع فيه عن الحديث وأهله مع كتاب المجرم الأثيم الذي طعن في طبقات من السلف
وفيه من البلاء ما الله به عليم , ويخالف السلف في العقيدة والفقه والحديث وصاحب راية الهوى والتلاعب في العصر المتأخر !
فقبح الله الظلم والعدوان , وجازاهم بعدله ووقف لهم على كل حرف ولا تجاوز لهم عن زلة إنه سميع مجيب الدعاء
وسأعلق على خمس آثار فقط وربما أزيد العدد في الحلقات القادمة إن يسر الله ذلك .

وعادتهم في حواشيهم أنهم ينتهضون للدفاع عن أي شخص ذمه السلف وكأنهم مع السلف في عداء
ولهم أسلوب خسيس في ذلك لربما أخذوه من الروافض فيضعفون كل ذم ويتساهلون بكل مدح إلا ما كان في إطار ما لا يمكن دفعه

فإذا كان الأثر مما يحتمل ضعفوه ولو كان المتكلم ضعيفاً قالوا ضعيف ! , وإذا كان فيه جهالة فإذا كان مدحاً تساهلوا وإذا كان ذماً تشددوا
ولربما حكموا من أول الإسناد ولربما من منتصفه ولربما من آخره بحسب ما تملي عليهم أهوائهم

والأخبار في المدح إذا كانت شديدة الضعف وموضوعة يكتبون ضعيف 
وهكذا عبث في عبث طوال الترجمة إلا في أخبار يسير نص بعض الحفاظ أنها موضوعة
فما استطاعوا أن يدفعوها ولو أمكنهم لفعلوا فيما أحسب والله المستعان !



وهنا يحسن أن يقال : يروي الخطيب أحاديث مستغربة ومكذوبة في مدح الرجل
ينبه عليها منها أحاديث مكرم بن أحمد القاضي عن أحمد بن عطية وهما كذابان وضعا كتاباً في مناقب أبي حنيفة
ويروي من طريق محمد بن شجاع الثلجي وهو زنديق كذاب مشهور
ويروي من طريق أبو مطيع البلخي وهو متروك واتهم
ومن طريق يحيى الحماني وهو متهم أيضاً
والحسن بن زياد الؤلؤي وهو جهمي متهم من أهل الرأي
ومن طريق أبو سعيد بن عقدة وهو رافضي متهم وإن كان حافظاً لكنه متهم وكان يدلس الكذب اتهمه الحافظ الدارقطني وهو من أعلم الناس به وغيرهم

فهؤلاء لا يلتفت لحديثهم أصلا وما كان ينبغي أن يذكر من أصل البحث .
 وتأمل هنا  اجتماع الزنادقة والكذابين على رواية الفضائل في هذا الرجل !

وقد نبه على بعضهم المحقق ورفاقه  وسكتوا عن بعضهم وسأبينه في مكانه

وكذلك يروي الخطيب من كتاب القاضي الصيمري في مناقب أبي حنيفة , وهذا الكتاب مليء بالأباطيل وربما كان بعضها بإسناد ظاهره الصحة
والقاضي وثق ولكنه حنفي متعصب يقضي بكلام القوم وقد روى أشياء بأسانيد ظاهرها السلامة ليست في الدنيا إلا من طريقه !
وكيف غابت هذه الآثار عن كل الناس وظفر هو بها لوحده !
ويروي عن بعض الأئمة الذين تواتر عنهم الذم الشديد , مدحاً !
فهذا الكتاب أقل ما يقال فيه لا يجوز لمسلم أن يصحح منه شيئاً ينفرد به حتى ينظر من خالف ما فيه ومن وافق
وإذا كان بعض المتأخرين من أهل الحديث ! لم يكن التصحيح والتضعيف من شأنهم ! فكيف برجل من أهل الرأي يبغض أهل الحديث ويشنع عليهم ؟!
وسأنبه على بعض ذلك في مكانه
وكذلك يروي الخطيب من طريق الخلال عن الحريري عن النخعي : وهؤلاء أحناف متعصبة يروون في المناقب أشياء لا يتابعون عليها
بل يروون ما يستبعد ويخالفهم فيه ثقات أثبات وسأنبه على بعض ذلك في مكانه
بل رووا عن الأئمة حديثاً مرفوعاً في ذكر أبي حنيفة والتبشير به وهو كذب باتفاق أهل العلم
ثم رووا عن بعض العلماء تفسيرهم لهذا الحديث !
فهؤلاء لا يعتمد عليهم في مثل هذا المقام أبداً بل الذي يحسن الظن ويتسع صدره جداً , في أحسن حالاته يتوقف فيما رووه والله المستعان .

وهنا أقول : أهل السنة مجمعون على هذه المسألة إلا رجالا معدودين لا يخالفون في أصلها إنما يخففون العبارة في القوم و لولم يخلق الله الخطيب ما زاد في هذه المسألة شيئاً ولا نقص فقد حسمت قبل أن يخلق الله الخطيب بقرون

ولكن التشويش يجاب عليه , ومعاول أهل السنة تهدم بإذن الله بنيان الباطل وإن علا وارتفع , ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين

وبسم الله نبدأ :

1- ذكر الخطيب بإسناده إلى يوسف بن أسباط أنه قال : [ ولد أبو حنيفة وأبوه نصراني ]
قالوا في الحاشية : ضعيف , لضعف يوسف بن أسباط ! ومتنه مخالف للروايات الصحيحة بأن أبا حنيفة وأباه ولدا على الإسلام .انتهى

قلت : يوسف بن أسباط هو المتكلم هو لا يروي شيئاً بسند حتى يقال مثل هذا الهراء , وهو يقصد أنه لما ولد أبو حنيفة كان والده نصرانياً وهذا لا يدفع وأنا لا أعرف هذه الروايات التي يتكلمون عنها وأنها صحيحة ولم أرها
فليخرجوها لنا  وننظر فيها !
ثم المعنى العام أنه ليس من بيت علم ولا نشأ في الدين لذلك خالف الأحاديث والآثار وهذا ظاهر في كلامه وكلام أصحابه
وقد ذكر الخطيب روايات تعنتوا في تضعيفها في ذكر والد أبي حنيفة وأنه لم يكن من أهل العلم والدين وقال بعضهم نشأ في ترمذ وبعضهم في نسا وبعضهم قال كان نبطيا وغير ذلك .

2- قال الخطيب : أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي , قال : حدثنا أبو الحسن محمد بن الفرزدق الفزاري ... ثم ذكر إسناده  إلى عبيد الله بن عمرو الرقي أنه قال :
[ كلم ابن هبيرة أبا حنيفة أن يلي له قضاء الكوفة فأبى عليه , فضربه مئة سوط وعشرة أسواط في كل يوم عشرة أسواط , وهو على الامتناع
فلما رأى ذلك خلى سبيله ]
قالوا: إسناده صحيح ! والروايات التي بعدها تعضدها وتقويها !

قلت : زعموا في المقدمة أنه سيدققون بعيداً عن ما كتب هنا وهناك وسيتجردون للحق ! وسيحاكمون الروايات لقواعد أهل الحديث ! فلا والله ما بروا وما صدقوا !
فهذا الرجل ترجم له الخطيب في كتابهم الذي حققوه ! برقم [ 1358 ]

 فقال : [ رأيت له أصولا مضطربة وأشياء سماعه فيها مفسود إما مصلح بالقلم وإما مكشوط ]
وقال : [ وكان أهل العلم بالقراءات ممن أدركناه يقدحون فيه ويطعنون عليه فيما يرويه، ويذكرون أنه روى عن ابن حَبَش رواية لم تكن عنده، وزعم أنه قرأ بها عليه ]

وقال : [ وسمعت أبا يعلى محمد بن الحسين السراج، وكان أحد من يرجع إليه في شأن القراءات وعلم رواياتها، يذكره ذكرًا غير جميل. ]

وقال الخطيب : [ ورأيت لأبي العلاء أصولا عُتُقًا سماعه فيها صحيح وأصولا مضطربة، وسمعته يذكر أن عنده تاريخ شباب العصفري، فسألته إخراج أصله به لأقرأه عليه فوعدني بذلك.
ثم اجتمعت مع أبي عبد الله الصوري فتجارينا ذكره، فقال لي: لا ترد أصله بتاريخ شباب فإنه لا يصلح لك.
قلت: وكيف ذاك؟ فذكر أن أبا العلاء اخرج إليه الكتاب فراه قد سمَّع فيه لنفسه تسميعا طريا؛ مشاهدته تدل على فساده.]

وقال الخطيب : [ وَرَأَيْتُ بِخَطِّ أَبِي الْعَلاءِ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ الْمَعْرُوفِينَ حَدِيثًا اسْتَنْكَرْتُهُ، وَكَانَ مَتْنُهُ طَوِيلا مَوْضُوعًا مُرَكَّبًا عَلَى إِسْنَادٍ وَاضِحٍ صَحِيحٍ عَنْ رِجَالٍ ثِقَاتٍ أَئِمَّةٍ فِي الْحَدِيثِ، فَذَاكَرْتُ بِهِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الصُّورِيَّ، فَقَالَ لِي: قَدْ رَأَيْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ أَبِي الْعَلاءِ وَاسْتَنْكَرْتُهُ فَعَرَضْتُهُ عَلَى حَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ، فَقَالَ لِي: اطْلُبْ مِنَ الْقَاضِي أَصْلا بِهِ فَإِنَّهُ لا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ. ]
واتهمه الخطيب بأحاديث كثيرة ذكرها
وقال في ميزان الاعتدال  [ وقال الخطيب: أما حديث آخذ اليد فاتهم بوضعه، فأنكرت عليه، فامتنع بعد من روايته، ورجع عنه ]

فأي قواعد يصحح بموجبها حديث هذا الرجل , إلا قواعد الهوى والجهل أعاذنا الله من شر أنفسنا ومن شر الشيطان !

ثم الروايات التي بعدها لا تخلو من جهالة أو ضعف أو كذب من يحيى الحماني وإسماعيل بن حماد حفيد الرجل المتهم بالكذب صراحة

فلماذا لا تعاملون أخبار الذم الصحيحة التي بلغت المئات بمثل هذا الأسلوب وأنها يعضد بعضها بعضاً ؟!


 3- وذكر الخطيب بإسناده عن إبراهيم الحربي الحافظ صاحب الإمام أحمد قال : [ كان أبو حنيفة طلب النحو في أول أمره فذهب يقيس فلم يجيء وأراد أن يكون فيه أستاذاً
فقال : قلب وقلوب , كلب وكلوب ! فقيل له : كلب وكلاب , فتركه , ووقع في الفقه فكان يقيس  , ولم يكن له علم بالنحو فسأله رجل بمكة : رجل شج رجلاً بحجر , فقال : هذا خطأ ليس عليه شيء حتى لو أنه يرميه ب أبا قبيس لم يكن عليه شيء ]
قالوا : لا تصح فإنها منقطعة إبراهيم الحربي لم يدرك أبا حنيفة , والقول المنسوب إلى أبي حنيفة في الرجل الذي شج رجلا , مخالف لما تواتر عن أبي حنيفة في مثل هذه المسألة .انتهى

قلت : إبراهيم الحربي ليس بينه وبين أبي حنيفة كبير أحد يمكن أن يروي عنه بواسطة أو اثنتين بالكثير
وقد تابعه في نسبة هذا القول خالد بن يزيد بن أبي مالك ورواه عنه الحافظ أبو مسهر الدمشقي ذكره الخطيب في الترجمة وهو في تاريخ أبي زرعة الدمشقي مباشرة . فلا يبحث في إسناده

وقد ذكر ابن النجار صاحب الذيل وهو من أقدم من بدأ الطعن في الأئمة من أجل أبي حنيفة تعصباً له  , هذه المسألة  في ذيله
واعتذر بأنه لم يرد في الحديث شيء من هذا !! ونحوه فعل المجرم الكوثري !
ولم يقل أنه ليس مذهب أبي حنيفة وتواتر عنه خلافه فتأمل !  وانظر ما يفعل هؤلاء من العبث عاملهم الله بعدله

4- قال الخطيب : أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر الداودي , قال : أخبرنا عبيد الله بن أحمد بن يعقوب المقريء  ,قال : حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي , قال : حدثني شعيب بن أيوب قال : حدثني أبو يحيى الحماني , قال : سمعت أبا حنيفة يقول :
[ رأيت رؤيا فأفزعتني , رأيت كأني أنبش قبر النبي صلى الله عليه وسلم , فاتيت البصرة , فأمرت رجلا يسأل محمد بن سيرين فسأله فقال :
هذا رجل ينبش أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم ]
قالوا : إسنادها حسن ! ,انتهى
قلت : محمد بن محمد الباغندي كان يدلس الكذب كثير الغلط واتهم , ويكفي في نكارة خبره هذا أنه لم يذكره أحد في الأولين والآخرين إلا هو
أفيغيب مثل هذا عن إمام مثل ابن سيرين  عن كل بني آدم ولا يعرفه إلا رجل معروف بكثرة الغلط والتدليس القبيح بل واتهم ؟!
فأين الحسن ,  فو الله ما هي بالحسنة ولا عرفت الحسن ولا رأته !

قال الحافظ الدارقطني بعدما ذكر جملة من أخطائه الفاحشة : [ وكان كثير الغلط، وله مثل هذا كثير  ]
وقال السهمي : [ وسألت أبا بكر بن عبدان، عن محمد بن محمد بن سليمان الباغندي هل يدخل في الصحيح؟ قال لو خرجت الصحيح صحيحًا لم أدخله فيه، قيل له لم؟ قال لأنه كان يخلط ويدلس ]
وقال أيضا : [ سألت الدَّارَقُطْنِيّ عن محمد بن محمد بن سليمان الباغندي؟ قال كان كثير التدليس، يحدث بما لم يسمع وربما سرق بعض الأحاديث ]

وقال : [ وسمعت أبا مسعود الدمشقي يقول سَمِعْتُ الزينبي ببغداد يقول دخلت على محمد بن محمد الباغندي، فسمعته يقول لا تكتبوا عن ابني فإنه يكذب، فدخلت على ابنه أبي ذر فسمعته يقول لا تكتبوا عن أبي، فإنه يكذب ]

وفي سؤالات السلمي : [ سألت الدَّارَقُطْنِيّ عن محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، فقال: هو مخلط مدلس، يكتب عن بعض من حضره من أصحابه، ثم يسقط بينه وبين شيخه ثلاثة، وهو كتير الخطأ، حدثنا عنه عند بعضهم حدثنا فلان، وعند أخر ذكر فلان، وعند آخر بينه وبين شيخه رجل ]

وقال ابن عدي في الكامل [  1788] : [  مُحَمد بْنُ مُحَمد بْنِ سُلَيْمَانَ أَبُو بكر الباغندي.
سمعت موسى بْنَ الْقَاسِمِ بْنِ مُوسَى بْنِ الحسن بن موسى الأشيب يقول، حَدَّثني أبو بكر، قَالَ: سَمِعْتُ إبراهيم الأصبهاني يقول أبو بكر الباغندي كذاب.
سمعت عبدان يقول كنت أنا وفضلك الرازي وجعفر بْن الجنيد والمعمري فلحقنا الباغندي إِلَى دمشق وسبقنا إِلَى مصر بالدخول عَلَى البغال.
قَالَ الشيخ: وللباغندي أشياء أنكرت عليه من الأحاديث وكان مدلسا يدلس عَلَى ألوان وأرجو أنه لا يتعمد الكذب. ]
وأسند ابن عساكر عنه أنه قال :  [ كان شيطانا في التدليس ولعله وقع من نسختنا  ]

وقال  البرقاني : [  سألت أبا بكر الأسماعيلي عن الباغندي أبي بكر محمد بن محمد فقال لا أتهمه في قصد الكذب
ولكنه خبيث التدليس ومصحف أيضا أو قال كثير التصحيف
 ثم قال حكي لي عن سويد أنه كان يدلس قال الأسماعيلي كأنه تعلم من سويد  التدليس ]
وذكر عنه التدليس القبيح أيضاً الحافظ ابن أبي الفوارس

وقال ابن مظاهر : [ هذا الرجل لا يكذب ولكن يحمله الشره على أن يقول حدثنا ووجدت في كتبه في مواضع ذكره فلان وفي كتابي عن فلان ثم رأيته يقول أخبرنا ]

 وكل هذا في تراجمه المطبوعة المتوفرة , ومن دافع عنه ووثقه أو قال روى عنه فلان وفلان لا يفيده شيئاً ولو افترضنا أنه أفاده فما تفرد به من الغرائب والمناكير لاشك أنه منكر مردود بل موضوع .
 ولا تحسبن أخي القارئ أن هذا الأمر قد غاب عن هؤلاء ولكن الله الهوى يفعل بصاحبه أكثر من ذلك
فقد قالوا : وكتبوا بأيديهم لما روى هذا الرجل جرحاً في أبي حنيفة : [ محمد بن محمد الباغندي كان مدلساً وفيه شيء قال الدارقطني : مخلط مدلس وانظر ميزان الاعتدال ] وسأنبه عليه في مكانه , وسبحان الله , قد ذهب الحسنُ هاهنا , وظهر الهوى , وظهر للقارئ جواب سؤاله لماذا ينفعل الكاتب ويغضب !
وقد تقدم معك أيضاً أنهم قالوا في يوسف بن أسباط لما تكلم أنه ضعيف وضعفوا الخبر !
وهنا المتكلم هو أبو حنيفة نفسه وهو ضعيف باتفاق الناس , بل واتهم بالكذب صراحة اتهمه الإمام أحمد وغيره , فهو متروك عند العامة ,  وأما الضعف في النقل فلا ينفيه عنه عاقل إذا اتفق عليه الناس الموافق والمخالف
فلما لا يضعف هذا الأثر بضعفه هو كما فعل مع ابن أسباط ؟!

5- قال الخطيب : أنبأنا محمد بن رزق , حدثنا محمد بن عمر الجعابي , حدثني أبو بكر إبراهيم بن محمد بن داود بن سليمان القطان قال : حدثنا إسحاق البهلول قال :
سمعت ابن عيينة يقول : [ ما مقلت عيني مثل أبي حنيفة ]
قالوا : إسناده صحيح , .... على أن الثابت والمحفوظ عن سفيان سوء القول في أبي حنيفة !.انتهى
قلت : أولا : ما مقلت عينه في أبي حنيفة لا يستلزم الخير فلربما ما مقلت عينه في الشر مثله وقد قال نحو هذا المعنى بعض العلماء
ثانياً : الإسناد ليس بصحيح ولا قارب الصحة !
ابن الجعابي هذا كان حافظا ثم ترك الدين والصلاة وكذب بالحديث اتهمه الدارقطني , نعوذ بالله من الخذلان
ودافع عنه الخطيب بأنه حافظ وله معرفة بالعلل , وهذا لا يدفع عنه التهمة
فقد اتهم ابن حميد والشاذكوني وإبراهيم بن أبي يحيى ويحيى الحماني وكلهم وسم بالحفظ ولم يزل الحفظ , التهمة عنهم
وقد ذكر عنه في ميزان الاعتدال روايات تدل على قلة الديانة وقد كان تتلمذ وتخرج بابن عقدة وهو حافظ متهم رافضي
وكان ابن الجعابي نسخة منه تقريباً !
فأين الصحة , وإذا لم يكن ما رواه ويخالف ما تواتر عن سفيان في ذم الرجل كما ذكروا هم منكراً فأي شيء يكون المنكر ؟!
نعوذ بالله من الهوى والتعصب وقد نبه الخطيب على ذلك وسيأتي بإذن الله وقد أفردت فيه مقالا تقدم رابطه والله الموفق

ونكمل بإذن الله في حلقة قادمة ....


جميع الحقوق محفوظة لمدونة عبد الله بن سليمان التميمي ©2013-2014 | |