[ 2 ] تنبيهات حول الحاكم صاحب المستدرك ومؤلفاته وما فيها من أوهام وأخطاء ( الحلقة الثانية )



تنبيهات حول الحاكم صاحب المستدرك
  ومؤلفاته وما فيها من أوهام وأخطاء
جمع وتعليق :
 عبد الله بن سليمان التميمي
- غفر الله له –
الحلقة الثانية

الحلقة الأولى من هنا
قبل  البدء بالحلقة الثانية أود التنبيه على أمر مهم وهو :
( قول الحافظ عبد الغني المقدسي : نظرت إلى وقت إملائي عليك هذا الكلام فلم أجد حديثاً على شرط البخاري ومسلم لم يخرجاه إلا  ( ثلاث ) أحاديث :
1- حديث أنس [  يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة ]
2- وحديث [ الحجاج بن علاط لما أسلم  ] .
3- وحديث علي ـ رضي الله عنه ـ [  لا يؤمن العبد حتى يؤمن بأربع ] . انتهى )

وهذه الأخبار التي ذكرها تبين لي أن الشيخين تعمدا عدم إخراجها وإليك بيان ذلك :
أما حديث أنس فقد أعله الدارقطني بإدخال رجل مبهم في إسناده [ العلل حديث 2622 ]
وأما حديث حجاج فهو من رواية معمر عن ثابت عن أنس وفيها كلام معروف ليست على شرطهما جزما ولم أجده في المستدرك فلعله تركه
وأما حديث علي فقد قصر به بعض الرواة وأدخل مبهما في إسناده وقد ذكر هذا الحاكم نفسه ثم قال : وَقَدْ قَصَّرَ بِرِوَايَتِهِ بَعْضُ أَصْحَابِ الثَّوْرِيِّ، وَهَذَا عِنْدَنَا مِمَّا لَا يُعْبَأُ . انتهى

وقد رواه من طريق محمد بن كثير عن سفيان

وأتى بمتابعة أبي حذيفة عن سفيان يستدل بها

فمن الذي قصر به , ومن هو الذي لا يعبأ به ؟

1- الإمام الحافظ وكيع [ مسند أحمد 1112 ]

2- الحافظ أبو نعيم الفضل بن دكين [ منتخب مسند عبد بن حميد 75 ]

3- وفي مسموعات الضياء أن أبا حذيفة تابعهم في رواية له 

وقال الدارقطني في العلل [ 357 ] وَسُئِلَ عَنْ حَدِيثِ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِأَرْبَعٍ.
فَقَالَ: حَدَّثَ بِهِ شَرِيكٌ وَوَرْقَاءُ وَجَرِيرٌ وَعَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ، عَنْ علي.
وخالفهم سفيان الثوري، وزائدة، وَأَبُو الْأَحْوَصِ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، فَرَوَوْهُ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي رَاشِدٍ، عَنْ عَلِيٍّ. وَهُوَ الصَّوَابُ. انتهى

فلم يسلم للحاكم حتى هذه الثلاثة ! فتأمل حفظنا الله واياك


* فصل في أوهام للحاكم في المستدرك وغيره من كتبه في غير كتاب المعرفة


أقول : تقدم معك أن للحافظ المقدسي كتابه في أوهام المدخل فانظر فيه , والرجل معاصر له
وأيضاً تقدم معك أوهام المستدرك التي نبه عليها ابن حجر في الجزء الذي أفردته بذلك .  وقد بلغت [ 66 ] وهما .

ومر معك أيضاً تنبيهات وتعقبات ابن رجب الحنبلي وقد جاوزت [ 120 ] وهماً
 
وقد تعقبه الذهبي في التلخيص في أحاديث كثيرة جداً حتى أنه من غيضه أطلق فيه عبارات شديدة .

 حتى قال الذهبي في السير : ولقد كنت زماناً طويلاً أظن أن حديث الطير لم يجسر الحاكم أن يودعه في مستدركه ، فلما علقت هذا الكتاب رأيت الهوْل من الموضوعات التي فيه !! فإذا حديث الطير بالنسبة إليها سماء !! .انتهى

 
وقد انتقده في تساهله وتوسعه في إطلاق الصحة وأن هذا الخبر على شرطهما , السخاوي والسيوطي والألباني وغيرهم ممن يتساهل بالتصحيح ويتوسع جداً في موضوع التحسين والتصحيح بكثرة الطرق  .


وقد نبهت أنا على وهمه في إسناد حديث [ يابن آدم تفرغ لعبادتي ...الحديث ] [ انظره من هنا ]

 
* وقال ابن عبد الهادي في تعليقه على علل ابن أبي حاتم [ ص 353 ] :
وروى ابن عدي للحسن حديثاً آخر، ثم قال: وللحسن بن علي عن الأعرج غير ما ذكرت من الحديث، وحديثه قليل وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق.
وقال الدارقطني في الحسن: يروي عن الأعرج، عن أبي هريرة مناكير، ضعيفٌ واهٍ.
وقال الحاكم: حدث عن أبي الزناد بأحاديث موضوعة، روى عنه وكيع بن الجراح وغيره.
كذا قال الحاكم، وكأنه واهم في قوله عن أبي الزناد، والله أعلم .انتهى

وجهه أن المشهور أن الحسن هذا يروي عن الأعرج ليس له رواية عن أبي الزناد .

* و قال ابن القيم في [  تهذيب السنن 1/118 ] : في كلامه على رواية [ حتى بلغ سبعاً ] :
أخرجه الحاكم في المستدرك وقال: هذا إسناد مصري لم ينسب واحد منهم إلى جرح , وهذا مذهب مالك، ولم يخرجاه , والعجب من الحاكم! كيف يكون هذا مستدركا على الصحيحين ورواته لا يعرفون بجرح ولا بتعديل! انتهى


قال أخي عبد الله الخليفي وفقه الله :  فقد كنت كتبت بحثاً في حديث [  اغتنم خمساً قبل خمس ]  ، وقد وقع في سند الحاكم تصريح عبدان بالسماع من ابن أبي هند ، وقد بينت استحالة هذا ، وأنه غلط ، فتحاور بعض إخواننا من طلبة العلم الأذكياء في سبب وقوع هذا الغلط


والذي أود قوله هنا أنه قد يكون الوهم من الحاكم نفسه ، فقد وجدت في مستدركه العديد من الأغلاط الإسنادية ، وهذا دون استقصاء أو قراءة وافية ، وإنما المرور من خلال بعض الأبحاث وإليكم الأمثلة

المثال الأول : قال الحاكم في المستدرك [  8830 ]:
 أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَاضِي ، بِمَرْوَ ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [  إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ ]  هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ .
 
أقول : سنده مشكل فيزيد لم يدرك التيمي !


المثال الثاني :  قال الحاكم في المستدرك [  1976 ]:
 أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْعَلَّافُ بِمِصْرَ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ ، عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، أَخْبَرَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو: [  اللَّهُمَّ احْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ قَائِمًا ، وَاحْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ قَاعِدًا ، وَاحْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ رَاقِدًا ، وَلَا تُشْمِتْ بِي عَدُوًّا حَاسِدًا ، وَاللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ خَزَائِنُهُ بِيَدِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ خَزَائِنُهُ بِيَدِكَ ] هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ .
 
قلت : أبو الصهباء هنا خطأ إنما هو أبو المصفى ، وتجده باسم أبو المصفى في المصادر الأخرى ولذلك جهله الألباني ولم يعرفه .


المثال الثالث : قال الحاكم في المستدرك [  2515 ]:
 أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنَزِيُّ ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، ثنا زُهَيْرٌ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ سَرْجِسٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: [  أَظَلَّتْكُمْ فِتَنٌ ، كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ ، أَنْجَى النَّاسِ مِنْهَا صَاحِبُ شَاهِقَةٍ يَأْكُلُ مِنْ رُسُلِ غَنَمِهِ ، أَوْ رَجُلٌ مِنْ وَرَاءِ الدُّرُوبِ آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ يَأْكُلُ مِنْ فَيْءِ سَيْفِهِ ]
" هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ "

أقول : ذكر نافع بن جبير في السند زيادة عند الحاكم فقط ، فإنك لو رجعت إلى جميع مصادر التخريج لوجدته ساقطاً ، بل لو رجعت إلى جميع تراجم نافع بن سرجس لوجدتهم متفقين على أنه لم يرو عنه إلا ابن خثيم .


قال أبو جعفر : وهذه الأوهام موجودة في إتحاف المهرة لابن حجر مما يدل على أن المحققين المعاصرين لا ذنب لهم فيها , زد على ذلك المثال الذي ذكرته في حديث [ اغتنم خمساً قبل خمس ] ، لو تفرغ بعض إخواننا النابهين إلى النظر في المستدرك وجمع هذه الأغلاط الاسنادية لكان أمراً عظيماً . انتهى كلامه.


أقول : وقد تعقبه عبد الله السعد في إحدى مقدماته بتعقب جيد بأنه يصحح لبعض الرواة مع قوله بجهالتهم ! ويتوقف في غيرهم بقوله لو لم يكن فلان مجهول لحكمت بصحة حديثه
ويلزمه أن يختار إحدى المقدمتين !

ورأيت عدداً من الباحثين في الشابكة من خلال البحوث الحديثية المتفرقة ينبهون على مثل هذه الأخطاء وجمع ذلك يحتاج تتبع وإفراد بالتصنيف , والله أعلم

أقول : وخذ هذه الأمثلة زيادة على ما سبق : 

1- قال الحاكم في مستدركه [151 ]:  حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ ثنا الحسن بن سفيان الشيباني ثنا محمد بن سلمة المرادي ثنا حجاج بن سليمان بن القمري و مات قبل ابن وهب ثنا أبو غسان المدني عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي : أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : [ إن الله كريم يحب الكرم و يحب معالي الأخلاق و يكره سفسافها

ثم قال بعد ذلك : و حجاج بن قمري شيخ من أهل مصر : ثقة مأمون و لعلهما أعرضا عن إخراجه بأن الثوري أعضله .انتهى
 
أقول : وهنا مسألتين :

الأولى :  أن الذي يروي عنه المرادي هو حجاج بن سليمان الرعيني 

وقد زعم الذهبي أنهما واحد وفرق بينها غيره , وكلاهما متكلم فيه والصواب أن راوي هذا الخبر هو الرعيني
فقد سماه المرادي الرعيني في كتب كثيرة  , والرعيني هذا قال فيه أبو زرعة : منكر الحديث .

الثانية : أنه يعلم أن الثوري أعضله وأنه اختلف في إسناده فما جوابه عن هذا ؟

جوابه : أن الثقة أذا وصل لم يضره إرسال غيره !

وهذا بهذا الإطلاق هدم لعلم العلل كله , بل الأمر بالقرائن ويدور مع قرائنه والإسناد المعضل إسناد صعب لا يحفظه إلا حافظ أما أبو حازم عن سهل مرفوعاً فهذه جادة مطروقة
وقد تابع الثوري على إعضاله معمر ,  وعبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه


2- قال بعد الحديث [ 891 ] : الصَّحَابِيَّ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَاوِيَانِ لَمْ يُخَرِّجَاهُ . انتهى
أقول : وهذا بحث استقرائي يحتاج تتبع .

وإن كان يقصد أن الحديث نفسه إذا لم يروه عن الصحابي اثنين لا يخرجاه فهذه مجازفة
وقد خرجا لأبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه حديثاً رواه عنه حفص بن عاصم
ولم يرو عنه غيره إلا ما ذكره النسائي في الكبرى من رواية عبيد بن حنين عنه ولا أظنها تصح .
وقد أخرجوا حديث أبي بشير الأنصاري ولم يخرجوا له إلا من رواية عباد بن تميم
وكذلك الأشعث بن قيس رضي الله عنه لم يخرجوا عنه إلا من طريق شقيق بن سلمه
والمسيب بن حزن لم يرو عنه غير ابنه سعيد وغيرهم كثير .


3- قال الحاكم [  1020 ]:  حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يُونُسَ الْخُزَاعِيُّ، بِالْكُوفَةِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَنَشٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ أَتَى بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ]
 حَنَشُ بْنُ قَيْسٍ الرَّحَبِيُّ يُقَالُ لَهُ: أَبُو عَلِيٍّ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ سَكَنَ الْكُوفَةَ ثِقَةٌ .
وَقَدِ احْتَجَّ الْبُخَارِيُّ بِعِكْرِمَةَ، وَهَذَا الْحَدِيثُ قَاعِدَةٌ فِي الزَّجْرِ عَنِ الْجَمْعِ بِلَا عُذْرٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ .انتهى
 
أقول : وهنا تنبيهات : حنش هو حسين بن قيس الرحبي  وحنش لقبه
قال الإمام أحمد : ليس بشيء لا أروي عنه شيئاً  , وقال في رواية : متروك الحديث .
وقال ابن معين ليس بشيء , وقال هو وأبو زرعة ضعيف .
و قال عبد الرحمن بن أبى حاتم ، عن أبيه : ضعيف الحديث ، منكر الحديث ، قيل له : كان يكذب ؟ قال : أسأل الله السلامة ، هو و يحيى بن عبيد الله متقاربين ، قيل : هو مثل الحسين بن عبد الله بن ضميرة ؟ قال : شبيه به .
و قال البخاري : أحاديثه منكرة جدا ، و لا يكتب حديثه .
و قال النسائي : متروك الحديث  , و قال في موضع آخر : ليس بثقة .
و قال العقيلي : له غير حديث لا يتابع عليه ، و لا يعرف .
وقال مسلم منكر الحديث  ,و قال أبو أحمد بن عدي : هو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق .
أقول : ولا أعلم أحداً أطلق فيه التوثيق غير الحاكم فهذه مجازفة شديدة .

وقد قال ابن رجب في شرح البخاري :  لم يوافقه عليه أحد – يعني توثيقه لحنش - 

 وقد خرج هذا الحديث شيخ الحاكم الدارقطني وقال حنش متروك , وتلميذ الحاكم البيهقي فقال تفرد به حنش ولا يحتج به !! فتأمل

4- أخرج قرابة الأربعين حديثاً من رواية سماك عن عكرمة  ويقول بعدها
احتج البخاري بعكرمة واحتج مسلم بسماك ! 
وهذا الكلام ليس بشيء فرواية هذا عن هذا ضعيفة وقد نبه على ذلك أحمد وابن المديني وهما شيخا البخاري ومسلم فلا وجه لهذا الكلام البتة .


5- ذكر حديث صلاة التسابيح وقد روي مرسلاً واستنكر  فقال بعده : هَذَا الْإِرْسَالُ لَا يُوهِنُ وَصْلَ الْحَدِيثِ، فَإِنَّ الزِّيَادَةَ مِنَ الثِّقَةِ أَوْلَى مِنَ الْإِرْسَالِ .انتهى
 
أقول : وهذا القاعدة بهذا الإطلاق هدم لباب العلل  وقد يطلقها بعض الحفاظ يريدون الأثبات كالزهري والأعمش وهؤلاء في أحاديث معينة لا يطلقونها كالقاعدة المطردة فإن هذا افتراء على أهل الشأن بلا شك.
والكلام على حديث التسابيح ليس هذا موضعه
وقد قال الإمام أحمد : ليس فيها شيء يصح ، ونفض يده كالمنكر [ نقله ابن قدامة في المغني ]
وكذلك قال الترمذي والعقيلي وغيرهم . 


6- أخر الحاكم في المستدرك [ 4640 ] حديث [ يا علي أنت سيد في الدنيا سيد في الآخرة حبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله , وعدوك عدوي وعدوي عدو الله والويل لمن ابغضك بعدي ] وقال صحيح على شرط الشيخين !

ثم ذكر بعدها أن ابن معين قال عن راويه كذاب ثم اعتذر  ابن معين منه وقال : بأن الخطأ ليس منه والحديث كذب !

وهو حديث موضوع حدث به عبد الرزاق سراً لأحمد بن منيع وتعقبه الذهبي بأنه موضوع والحديث له حكاية انظرها في تاريخ بغداد  [ 5 / 68 وما بعدها ]


7- ومن عجائب هذا الرجل التي لا تكاد تنتهي ما قاله الخطيب في تاريخ بغداد [ 5 /35 ] :
 أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن عَلِيّ الْمُقْرِئ، عَنِ الحاكم أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه النَّيْسَابُورِيّ، قَالَ:
 توفي أَبُو حامد أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم المزكي ليلة الإثنين الثالث عشر من شعبان سنة ست وثمانين وثلاث مائة، وَكَانَ مولده فِي سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة، وصام الدهر تسعا وعشرين سنة، وعندي أن الملك لم يكتب عَلَيْهِ خطيئة .انتهى

أقول : وهل يقول عاقل عن رجل من بني آدم  [ وعندي أن الملك لم يكتب عليه خطيئة ] ؟! حتى أنه لم يستثني


8- أخرج الحاكم  في المستدرك حديثين  برقم [ 4886 ] و [ 5021 ] من طريق حرام بن عثمان  وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه  .انتهى
 
وحرام بن عثمان  متروك هالك مشهور  , وتعقبه الذهبي بأن حرام هالك , وقال الذهبي  في بعض النسخ كما في [ ط دار المعرفة 3 / 231 ]   : فليت شعري أما سمع المؤلف - أي الحاكم - قول الشافعي رحمه الله تعالى : الرواية عن حرام , حرام ؟! انتهى
 
وهذا من العجب إذ أن الكلام في هذا الراوي مشهور جداً وكلمة الشافعي هذه لا يكاد يخلو منها كتاب في الجرح والتعديل .


9- خرج الحاكم في مستدركه أربعة أحاديث برقم [ 435 ] و [ 3156 ] و [ 4953 ] و[ 4965 ]
من حديث سهل بن عمار العتكي , وقال في اثنين منهما على شرط مسلم ولم يخرجه !
وفي واحد صحيح الإسناد ولم يخرجاه !

وتعقبه الذهبي كما في المستدرك ط دار المعرفة  [ 3 / 215 ]  بقوله : سهل  قال الحاكم في تاريخه : كذاب ! وهنا يصحح له , فأين الدين ؟! . انتهى 


 10- أخرج الحاكم في المستدرك [ 7637 ] حديث الليث بن سعد عن سليمان بن هرم عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعاً  [ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ : خَرَجَ مِنْ عِنْدِي خَلِيلِي جِبْرِيلُ آنِفًا فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنَّ لِلَّهِ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ عَبَدَ اللَّهَ تَعَالَى خَمْسَ مِائَةِ سَنَةٍ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ فِي الْبَحْرِ عَرْضُهُ ] وذكر حديثاً طويلاً غريباً
ثم قال : هذا حديث صحيح الإسناد ! فإن سليمان بن هرم العابد من زهاد أهل الشام والليث بن سعد لا يروي عن المجهولين !

قلت : هذا الخبر غريب جداً استنكره العقيلي بعينه على سليمان بن هرم وكذلك صنع الذهبي ولم يخرجه أحد ولم أجده في  أي مصدر بهذا الإسناد [ الليث عن سليمان عن محمد ]  إلا في كتاب الحاكم وفي رواية غريبة عند العقيلي فيها مجاهيل , وأغلب ظني أن ذكر الليث في الإسناد وهم
والخبر مشهور من رواية عبد الله بن صالح كاتب الليث عن سليمان مباشرة كذا رواه عامة الناس
ورواه الحكيم في نوادر الأصول وقال : حدثنا عبد الله بن صالح في مجلس الليث عن سليمان بن هرم.
ولم أجد من رواه بإسناد الحاكم إلا الحاكم  .
ولم يذكروا لهذا الراوي راوياً عنه سوى كاتب الليث كذلك صنع ابن أبي حاتم.

* وقول الحاكم أن الليث لا يروي عن مجهولين نقضه هو
فقد روى في المستدرك  [  7560  ]  من طريق  الليث بن سعد  عن إسحاق بن بزرج بسنده عن الحسن بن علي، وقال عقبه : [ لولا جهالة إسحاق لحكمت للحديث بالصحة  ] ! فانظر واعجب !


11- ومن عجائب المستدرك أيضاً : تخريجه لحديث يحيى بن أبي سليمان  , وقد قال عنه البخاري منكر الحديث  , ولم يخرج له في الصحيح شيء
و خرج له الحاكم أربعة أحاديث
فقال في الأول [ 783 ] : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ويحيى بن أبي سليمان من ثقات المصريين !

وقال في الثاني  [ 1012 ] : هذا حديث صحيح قد احتج الشيحان برواته عن آخرهم غير 
يحيى بن أبي سليمان وهو شيخ من أهل المدينة سكن مصر ولم يذكر بجرح !

وقال في الثالث [ 3012 ] : على شرط الشيخين ولم يخرجاه  !
 
وقال في الرابع [ 3965 ] : صحيح الإسناد ولم يخرجاه !

والاختيارات الأربع ليس منها شيء صحيح , وكلها في كتاب واحد !

فما علاقة الإملاء أو المراجعة بهذا الأمر ؟

وإذا لم تكن هذه مجازافات قبيحة فما هي المجازفات

وقد رمي كثير من الرواة بالغفلة والغلط الفاحش بل وبالكذب في عصر أئمة الحديث  بأقل من هذا فتأمل ..!
يتبع....



جميع الحقوق محفوظة لمدونة عبد الله بن سليمان التميمي ©2013-2014 | |