تنبيهات حول الحاكم صاحب المستدرك ومؤلفاته وما فيها من أوهام وأخطاء [ الحلقة الثالثة ]

تنبيهات حول الحاكم صاحب المستدرك
  ومؤلفاته وما فيها من أوهام وأخطاء
جمع وتعليق :
 عبد الله بن سليمان التميمي  - غفر الله له –
الحلقة الثالثة
الحلقة الأولى من هنا  -- الحلقة الثانية من هنا
الحمد لله رب العالمين

* تابع ما سبق  :

12- من عجائب المستدرك أيضاً : تخريج الحاكم أربعة أحاديث لعفير بن معدان وهو رجل هالك متروك  ما أعرف أحداً أحسن فيه القول أبداً  ولم يخرج له في الصحيح شيء
قال في ثلاث منها [ 2004 ] و [ 7871 ] و [ 7878 ]  : صحيح الإسناد ولم يخرجاه !
وقال في الرابع [  8555 ] صحيح  الإسناد على شرط مسلم !

12- أخرج الحاكم حديثين من رواية [ عبد الحميد بن سليمان  ] أخو فليح وهو ضعيف جداً لم يخرج له في الصحيح شيء
فقال في الأول [ 785 ] : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه !
وقال في الثاني [ 2695 ] : صحيح الإسناد  ولم يخرجاه  !

13- أخرج الحاكم أحاديث محمد بن عبد العزيز بن عمر الزهري  برقم [ 2908 ] و [ 2953 ] و [ 6015 ] و [ 7640 ]  وقال فيها : صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
ومحمد هذا رجل متروك قال البخاري منكر الحديث وقال النسائي متروك الحديث
وقال أبو حاتم هم ثلاثة اخوة ليس حديثهم بمستقيم   وتركه الدارقطني  شيخ الحاكم !

14- قال ابن رجب الحنبلي كما في مجموع رسائله [ 3 / 303 ] : وخرج الحاكم , من حديث عائشة -رضي الله عنها- عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: [ الشرك أخفى من دبيب النمل عَلَى الصفا في الليلة الظلماء، وأدناه أن تحب عَلَى شيء من الجور، وتبغض عَلَى شيء من العدل، وهل الدين إلا الحب في الله والبغض في الله؟! قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ} ] , وقال: صحيح الإسناد ، وفيما قاله نظر .  انتهى
قلت  : رواه الحاكم [ 3148 ] من طريق عبد الأعلى بن أعين عن يحيى بن أبي كثير عن عروة عن عائشة به مرفوعاً .
وهو خبر منكر , عبد الأعلى متروك , قال النسائي والدارقطني : ليس بثقة . وضعفه عامة المحدثين جداً
وقد سئل الدارقطني [ شيخ الحاكم ] – كما في سؤالات البرقاني -  عن هذ الحديث بعينه فضعفه
وقال عن عبد الأعلى ليس بثقة  والحديث غير ثابت !

15- قال الحاكم في المستدرك [ 2014 ]:
 حَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَزَّازُ، ثنا جَنْدَلُ بْنُ وَالِقٍ التَّغْلِبِيُّ، ثنا شُعَيْبُ بْنُ رَاشِدٍ، بَيَّاعُ الْأَنْمَاطِ، ثنا أَبُو هَاشِمٍ الرُّمَّانِيُّ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:
[  عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا عَلِيلٌ، فَقَالَ: «يَا سَلْمَانُ شَفَى اللَّهُ سَقَمَكَ، وَغَفَرَ ذَنْبَكَ، وَعَافَاكَ فِي بَدْنِكَ وَجِسْمِكَ إِلَى مُدَّةِ أَجَلِكَ ]
وسكت عنه  الحاكم , ونقل ابن حجر عن الذهبي أنه قال : سنده جيد . انتهى
أقول : وهذا الخبر فيه وهم وخطأ في موضعين :
الأول : شعيب هو ابن أبي راشد وليس ابن راشد
الثاني : هو يروي هذا الخبر عن عمرو بن خالد القرشي المتروك المتهم
كذا رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة [ 548 ] من نفس مخرج الحاكم
وبين أبو حاتم الرازي في الجرح ترجمة شعيب [ 4 / 246 ]  أن شعيب بن أبي راشد رجل مجهول روى ثلاث أحاديث عن عمرو بن خالد القرشي منكرة كلها , فغير اسم الراوي واسقط من الإسناد راو متهم بالكذب حتى اغتر رجل في مثل حفظ الذهبي بذلك !

16-  وأخرج الحاكم من طريق سلم بن جنادة بن سلم القرشي عن حفص بن غياث عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر حديث [ نهى أن يبنى على القبر أو يجصص أو يقعد عليه ونهى أن يكتب عليه ]
وقال : هذا حديث على شرط مسلم وقد خرج بإسناده غير لفظ الكتابة فإنها لفظة صحيحة غريبة
أقول : الخبر خرجه مسلم وغيره من حديث حفص ليس فيه ذكر الكتابة وماأدري ما سبب تصحيحها
وسلم بن جنادة لم يخرج له في الصحيح أي خبر !
وأخرج الحاكم حديث [ تزوجوا النساء فإنهن يأتينكم بالمال ] من حديث سلم بن جنادة نفسه وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين !!  لم يخرجاه لتفرد سلم وهو ثقة مأمون !
فكيف لم يخرجا ما تفرد به وفي الخبر قبله يقول هو على شرط مسلم
وهنا يقول على شرطهما ! وهو يعرف أنهما لم يخرجاه لتفرد سلم !
وإن المرء ليحير والله بما يقوله هذا الرجل حتى لا يجد جوابا ولا يعرف مخرجاً !!
وهذا الحديث بعينه نص الدارقطني شيخ الحاكم  أن الصواب فيه الإرسال قد رواه جماعة مرسلاً !
وخرج الحاكم لسلم حديثين أيضاً ولم يعلق عليها بشيء !

17- وأخرج الحاكم أربعة أحاديث من حديث عبد الواحد بن زيد الصوفي المتروك اتفاقاً
وهي بالأرقام التالية [4475 ] [7164 ] [7856 ] [7940 ] وتعقبه الذهبي بأن عبد الواحد متروك وهو كما قال الذهبي وحال مثله لا تخفى على أحد فهل يتعقب عاقل الشيخين بمثل هذا ؟!
ومما قد يستغرب أيضاً :
18-  قال الخطيب في تاريخ بغداد [ في ترجمة محمد بن الفرج ]   :
سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ وَأَنَا أَسْمَعُ عن مُحَمَّدَ بْنَ الْفَرَجِ الأَزْرَقَ ، فَقَالَ: قَالَ لي الدَّارَقُطْنِيُّ : هُوَ ضَعِيفٌ.
وذكر الحاكم أبو عبد الله بن البيع أنه سمع الدارقطني يقول: محمد بن الفرج الأزرق لا بأس به من أصحاب الكرابيسي يطعن عليه في اعتقاده. انتهى
أقول : والبرقاني أجل منه وأوثق وألصق بالدارقطني .
19-  وقال الخطيب في ترجمة أحمد بن داود بن يزيد السجستاني
قرأت بخط أَبِي الْحَسَن الدارقطني، وحدثنيه أَحْمَد بْن مُحَمَّد العتيقي، عَنْهُ، قَالَ: أَحْمَد بْن دَاوُد بْن يَزِيد أَبُو يَزِيد السجستاني ليس بقوي يعتبر بِهِ.
وذكر الحاكم أَبُو عبد اللَّه ابْن البيع أنه سمع الدارقطني ذكره، فَقَالَ: لا بأس بِهِ. انتهى
أقول : وما كتبه الدارقطني بخطه أولى من كلام الحاكم ولعل الحاكم لم يضبط كلامه
20-  وقال الخطيب في ترجمة محمد بن مسلمة الواسطي :
وفي حديثه مناكير بأسانيد واضحة، إلا أن الحاكم أبا عبد الله بن البَيِّعِ ذكر أنه سمع الدارقطني يقول: محمد بن مسلمة الواسطي لا بأس به. انتهى
أقول : وهذه اشارة من الخطيب لغرابة ما نقله الحاكم وقد ذكر في ترجمة هذا الرجل مناكير كثيرة غريبة جداً لا تخفى على رجل مثل الدارقطني , والله أعلم .
وقد اتهم صراحة بالكذب والزيادة فكيف يقال به لا بأس به
وقد يقول قائل :  لعل الدارقطني تغير اجتهاده في الراوي ؟
 أقول : لو جاء ذا عن ثقة ضابط لما يسمع لقلنا به .
أما أن يأتي من قد علمت حاله في الحفظ وقلة الضبط والمجازفات فإلصاق الوهم والغلط به أحق ومن قرأ هذا البحث كاملاً تحقق من كلامي هذا والله تعالى أعلى وأعلم ..

وقبل البدء في سرد التنبيهات على كتاب [ معرفة علوم الحديث ] أود أن أنبه أن بعض هذه النقولات مستفادة من الشابكة ومن حواشي الكتب وعلقت بعضها في ملف عندي حتى أني لا أذكر مصادر بعضها ولا من أين علقته , والله المستعان
وإنما بحثي الخاص في كتاب المعرفة وقد استفدت من حاشية المحقق أيضاً , والنسخة التي عندي هي من مطبوعات [مكتبة المعارف ] وقد حققها [ أحمد بن فارس السلوم ] وهي الطبعة الثانية له .
وهي مضبوطة النص فيما يظهر لي بشكل ممتاز , وقد تتعقب بعض الحواشي لكني تركت هذا لكي لا أخرج عن مسار البحث  , وتقع في مجلد ضخم تجاوز [ 700 ] ورقة وأضاف لها استدراكات ابن الصلاح والمؤتمن الساجي وتعليقاتهم  .
 وقد أطال نوعاً ما في المقدمة والفهارس حيث بلغت قرابة [ 150 ] ورقة
وأنبه أيضاً أنه ليس كل من أنقل عنه أرتضي دينه أو مذهبه وإنما العمل هنا أن نحشد للإلزام ونبين أن ما نقوله ليس بدعاً من القول لم نسبق إليه
وقد كان الحاكم نفسه في أول أمره ينتقد الدارقطني تخريجه لحديث من رواية العوفي لأنه ضعيف !
قَالَ الخطيب في  تاريخه: حدَّثني الأزهريّ قَالَ:
ورد ابن البيَّع بغداد قديمًا فقال: ذُكِرِ لي أنّ حافظكم - يعني الدارقطني - خرج لشيخ واحد خمسمائة جزء، فأرُوني بعضها. فَحُمِل إِليْهِ منها، وذلك ممّا خرّجه لأبي إِسْحَاق الطَّبَريّ، فنظر في أول الجزء الأول حديثًا لعطيّة العَوْفّي فقَالَ: استفتح بشيخٍ ضعيف. ثمّ إنّه رمى الجزء من يده ولم ينظر في الباقي..!
فتأمل حال هذا الرجل وما في أخباره وأحواله من الغرائب العجيبة !
وذكر الذهبي في تاريخه بسند صحيح ذكره عن الحاكم  أنه أنكر حديث الطير وضعفه ! ثم هو يخرجه في المستدرك !
وأنبه أيضاً أنه ربما يعرض لك الشيء في كتب الحاكم ويستغرب أو يحتاج شرحاً مفصلاً فاتركه .
 وإنما أذكر ما لا يمكن دفعه إلا بمكابرة والأمور الواضحات حتى يتبين للباحث المراد من البحث وأن اعتماد كتب هذا الرجل كمصدر للبحث مطلقاً فيه نظر شديد
والله الموفق
يتبع إن شاء الله تعالى بالتعقبات على كتاب  [ معرفة علوم الحديث ] ...



جميع الحقوق محفوظة لمدونة عبد الله بن سليمان التميمي ©2013-2014 | |